للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تردّدَني كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: "وَمَا ذَاكِ؟ " قَالَتْ: إِنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَا، فَقَالَ: "آنْتِ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ لهَا: "حَتَّى تضَعي مَا في بَطْنِكِ". قَالَ: فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ، قَالَ: فَأَتَى النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: قَدْ وَضَعَتِ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَ: "إِذَنْ لَا نَرْجُمَهَا وَنَدَع وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ"، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نبي اللَّه، قَالَ: فَرَجَمَهَا" (١).

وعن الْبَرَاء قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ" (٢). وروى مسلم أيضًا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي؛ وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْي؛ وَإِنَّ لَهُ لَظِئْرَيْنِ تُكَمِّلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ" (٣)، وما ذلك إلا دليلٌ على أهمية الرضاعة في الإسلام.

ولاشك أن الرضاعة الطبيعية هامةٌ، ولقد دَلَّل عليها القرآن كثيرًا كما وضحنا فيما سبق وكذلك السنة، وأرشدَنا العلماء أيضًا إلى ذلك؛ فقال الرازي: تربية الطفل بلبن الأم أصلح له من سائر الألبان، ومن حيث إن شفقة الأم عليه أتم من شفقة غيرها (٤).

فالرضاعة الطبيعية مما لاشك فيه هي الأفضل من أيِّ بدائل أخرى، فترى ما يعرف بالحلمات المطاطية، وقد حذرت دراسةٌ نُشِرَتْ مؤخرًا من احتمال إصابة الطفل بالسرطان من جرّاء ارتضاعه الحلمات المطاطية، وقد أمرت الحكومة الفِرَنسية بسحب ما يقارب ٣٠ مليون (ثلاثين مليونًا) حلمة مطاطية لاشتباه السلطان بوجود مواد كيماوية تسبب السرطان تدخل في تركيب تلك الحلمات (٥). فعظمة التشريع الإسلامي تتجلى في الاهتمام بالرضاع والحث عليه، حتى إن بعض العلماء قال: ولَبَنُ المُرْضِعِ يُؤَثِّرُ فِي جِسْمِ الطِّفْلِ وَفِي أَخْلَاقِهِ وَسَجَايَاهُ؛


(١) مسلم (١٦٩٥).
(٢) البخاري (١٣٨٢).
(٣) مسلم (٢٣١٦).
(٤) تفسير الرازي (البقرة/ ٢٣٣، ٦/ ١١٧).
(٥) انظر: الموسوعة الطبية الفقهية د/ أحمد محمد كنعان (٤٨٤)، جريدة الشرق الأوسط، العدد (٦٨٤٥) الإثنين ٢٥/ ٨/ ١٩٩٧ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>