للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحقيقة تخص المخلص الكامل الذي لم يخطئ قط" (١) فهو يرى أن هذا المزمور نبوءة عن المسيح.

ويؤكد ذلك فخري عطية في كتاب "دراسات في المزامير" فيقول عن هذا المزمور: "واضح أنه من مزامير البقية، إذ يشير إلى زمن ضد المسيح، وفيه نسمع صوت البقية، ومرة أخرى نجد روح المسيح ينطق على فم داود بالأقوال التي تعبر عن مشاعر تلك البقية المتألمة، في أيام الضيق العظيمة". (٢)

والربط واضح وبيّن بين دعاء المزمور المستقبلي "١ يَا رَبُّ إِلهِي، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. خَلِّصْنِي مِنْ كُلِّ الَّذِينَ يَطْرُدُونَنِي وَنَجِّنِي ... " وبين دعاء المسيح ليلة أن جاءوا للقبض عليه "إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذ الْكَأْسُ".

ثم يطلب الداعي من الله عونًا؛ أن يرفعه إلى فوق، في لحظة ضيقه "فَعُدْ فَوْقَهَا إِلَى الْعُلَى"، ويشير إلى حصول ذلك في لحظة الإحاطة به "٧ وَمَجْمَعُ الْقَبَائِلِ يُحِيطُ بِكَ، فَعُدْ فَوْقَهَا إِلَى الْعُلَى.".

ثم يذكر المزمور بأن "١١ الله قَاضٍ عَادِلٌ" فهل من العدل أن يصلب المسيح أم يهوذا؟ ثم يدعو الداعي في المزمور الله أن يثبت الصديق، وأن ينتهي شر الأشرار، ويؤكد لجوءه إلى الله، مخلص القلوب المستقيمة.

ثم يتحدث المزمور عن خيانة يهوذا. وقد جاء". مَدَّ قَوْسَهُ وَهَيَّأَهَا، ١٣ وَسَدَّدَ نَحوَهُ آلةَ الْمُوْتِ. يَجْعَلُ سِهَامَهُ مُلْتَهِبَةً." (القُبلة الآثمة) "يَجْعَلُ سِهَامَهُ مُلْتَهِبَةً".

ولكن حصل أمر عظيم، لقد انقلب السحر على الساحر، " ١٤ هُوَذَا يَمْخَضُ بِالإِثْمِ. حَمَلَ تَعَبًا وَوَلَدَ كَذِبًا. ١٥ كَرَا جُبًّا. حَفَرَهُ، فَسَقَطَ فِي الْهُوَّةِ الَّتِي صَنَعَ. ١٦ يَرْجعُ تَعَبُهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَعَلَى هَامَتِهِ يَهْبِطُ ظُلْمُهُ. "لقد ذاق يهوذا ما كان حفره لسيده المسيح، ونجا المسيح من مجمع القبائل إلى العلا. لقد تحقق في يهوذا سنة الله وعادته في عقوبة الخائنين" ٢٧ مَنْ يَحْفِرُ حُفْرَةً يَسْقُطُ فِيهَا، وَمَنْ يُدَحْرِجُ حَجَرًا يَرْجعُ عَلَيْهِ." (الأمثال ٢٦/ ٢٧).


(١) كتاب المزامير، القمّص تادرس يعقوب ملطي (١٥٣).
(٢) دراسات في سفر المزامير، فخري عطية (١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>