يَوْمَيْنِ}، فالمدة الزمنية التي مرت على الأرض منذ أن كانت في حالة الدخان إلى أن أخذت موقعها في مدار ثابت حول الشمس على شكل كرة ملساء ذات سطح شبه سائل تمثل اليومين اللذين خلق اللَّه فيهما هذه الأرض الأولية، ولقد حدد اللَّه علامة بارزة لنهاية يومي خلق الأرض الأولية وبداية الأيام الأربعة التي أكمل اللَّه فيها تجهيز الأرض لتكون صالحة لظهور الحياة عليها وهذه العلامة هي بداية تكون الجبال.
١ - فقد ذكر اللَّه -سبحانه وتعالى- أن أول الأحداث في الأيام الأربعة التالية من أيام الخلق الستة هو تَشَكُّلُ الجبالِ فوق سطحها مصداقًا لقوله تعالى: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠)}، ومن الطبيعي أن تكون الجبالُ أولَ ما ظهر على سطح الأرض، وبالتالي أول أحداث تهيئة الأرض، فالأرض كانت قبل ذلك كما ذكرنا سابقًا كرة ملساء، وسطحها حار جدًا وشبه سائل وهي تغلي وتفور بسبب الحرارة الشديدة التي في باطنها، واستمرت الأرض على هذا الحال إلى أن بدأت القشرة الأرضية الصلبة بالتكون بعد أن برد سطحها نتيجة لإشعاع حرارتها إلى الفضاء الخارجي، وعندما أصبح سمك القشرة الأرضية بالقدر الكافي بدأت المواد التي تقذف بها البراكين من جوف الأرض بالتراكم فوقه ليبدأ بذلك تكون الجبال، ولا زال مشهد تكون الجبال من البراكين قائمًا إلى يومنا هذا ولكن بمعدل لا يكاد يذكر مع الحال الذي كانت عليه الأرض في بداية تكونها.
٢ - وكما هو واضح من هذه الآية فإن عملية تجهيز الأرض بعد أن استقرت في مدارها حول الشمس لتكون صالحة لظهور الحياة عليها استغرق أربعة أيام من أيام اللَّه؛ وهي من مثل الأيام التي خلق اللَّه بها السموات والأرض بشكلها الأولى، وفي هذه الأيام الأربعة تكونت الجبال، والقارات، والمحيطات، والبحيرات، والأنهار، وتشكل الغلاف الجوي الذي بدأ بحماية الأرض من بقايا الشهب التي كانت ترشق الأرض من الفضاء الخارجي، وبعد أن وفر اللَّه عز وجل كل أسباب الحياة على هذه الأرض بدأت الحياة الأولية بالظهور