الأول: أنها أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، ولها عقول وأفهام وقدرة على أعمال صعبة شاقة.
والقول الثاني: أن كثيرًا من الناس أثبتوا أنها موجودات غير متحيزة ولا حالة في المتحيز، وزعموا أنها موجودات مجردة عن الجسمية، ثم هذه الموجودات قد تكون عالية مقدسة عن تدبير الأجسام بالكلية؛ وهي الملائكة المقربون؛ كما قال اللَّه تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩)} (الأنبياء: ١٩) ويليها مرتبة الأرواح المتعلقة بتدبير الأجسام، وأشرفها حملة العرش؛ كما قال تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧)} (الحاقة: ١٧). والمرتبة الثانية: الحافون حول العرش؛ كما قال تعالى:{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}(الزمر: ٧٥). والمرتبة الثالثة: ملائكة الكرسي. والمرتبة الرابعة: ملائكة السموات طبقة طبقة. والمرتبة الخامسة: ملائكة كرة الأثير. والمرتبة السادسة: ملائكة كرة الهواء الذي هو في طبع النسيم. والمرتبة السابعة: ملائكة كرة الزمهرير. والمرتبة الثامنة: مرتبة الأرواح المتعلقة بالبحار. والمرتبة التاسعة: مرتبة الأرواح المتعلقة بالجبال. والمرتبة العاشرة: مرتبة الأرواح السفلية المتصرفة في هذه الأجسام النباتية والحيوانية الموجودة في هذا العالم.
واعلم أنه على كلا القولين فهذه الأرواح قد تكون مشرقة إلهية خيرة سعيدة، وهي المسماة بالصالحين من الجن، وقد تكون كدرة سفلية شرير شقية، وهي المسماة بالشياطين.
وردًا على كلا القولين السابقين قال الرازي: وأما الذين زعموا أن الجن أجسام هوائية أو نارية؛ فقالوا: الأجسام متساوية في الحجمية والمقدار، وهذان المعنيان أعراض، فالأجسام متساوية في قبول هذه الأعراض، والأشياء المختلفة بالماهية لا يمتنع اشتراكها في بعض اللوازم، فلم لا يجوز أن يقال: الأجسام مختلفة بحسب ذواتها المخصوصة وماهياتها المعينة، وإن كانت مشتركة في قبول الحجمية والمقدار؟ وإذا ثبت هذا فنقول: لِمَ لا يجوز أن يقال: أحد أنواع الأجسام أجسام لطيفة نفاذة حية لذواتها عاقلة لذواتها، قادرة