وعند غض الطرف عن عدد ظهورات المسيح للتلاميذ فإنا نتساءل عن الحضور الذين رأوا المسيح في اللقاء الأول حيث كان التلاميذ مجتمعين في أورشليم أو الجليل، هل كانوا جميعًا موجودين أم أن أحدهم وهو توما الشكاك كان غائبًا عن هذا اللقاء؟
متّى يرى أن التلاميذ الاثني عشر كانوا موجودين خلا يهوذا الخائن، فيقول:"١٦ وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الجْلِيلِ إِلَى الجْبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. ١٧ وَلمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا."(متى ٢٨/ ١٦ - ١٧)، يفهم منه أن توما كان أحد أولئك الساجدين حينذاك، ولعله هو من عناه متى حين قال:"وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا".
لكن يوحنا يجزم بغياب توما عن اللقاء الأول، ويقول:"٢٤ أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَال لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. ٢٥ فَقَال لَهُ التَّلَامِيذُ الآخَرُونَ: "قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ! "."(يوحنا ٢٠/ ٢٤ - ٢٥)، والحديث بالطبع عن اللقاء الأول، وقد لقيه بعد ذلك بثمانية أيام، وشكّ في شخص من يراه، وأراه المسيح يديه ورجليه كما قال يوحنا. (انظر يوحنا ٢٠/ ٢٦ - ٢٧).
لكن العجب كل العجب فيما أضافه بولس في اللقاء الأول، لقد أضاف ضيفًا غريبًا ثقيلًا، وهو يهوذا الأسخريوطي، التلميذ الخائن الهالك، فقد قال:"٤ وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ، ٥ وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ."(كورنثوس (١) ١٥/ ٤ - ٥)، إنه تناقض صارخ آخر من تناقضات هذه الرواية التي تعتبر بحق أضعف أجزاء العهد الجديد.
١٢ - كم بقي المسيح في الأرض قبل رفعه؟
ونشير أخيرًا إلى تناقض كبير وقعت فيه الأناجيل، وهي تتحدث عن ظهور المسيح، ألا وهو مقدار المدة التي قضاها المسيح قبل رفعه.
ويفهم من متى ومرقس أن صعوده كان في يوم القيامة (انظر: متى ٢٨/ ٨ - ٢٠، مرقس ١٦/ ٩ - ١٩، ولوقا ٢٤/ ١ - ٥٣).
بيد أن مؤلف أعمال الرسل - والمفترض أنه لوقا - جعل صعود المسيح للسماء بعد