للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد تحدثت نصوص التوراة والإنجيل بإسهاب عن التوبة وقصصها وقبول الله لها، فها هو المسيح يجلس مع العشارين والخطاة، ولقد وعد الله التائبين بالقبول ففي سفر حزقيال: "فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقًّا وَعَدْلًا فَحَيَاةً يَحْيَا. لَا يَمُوتُ. ٢٢ كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لَا تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. ٢٣ هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ؟ " (حزقيال ١٨/ ٢١ - ٢٣)، فالتوبة مقبولة عند الله كوسيلة للخلاص من الذَّنْبَ، ولا تتناقض مع قدر الله القاضي بالقصاص من العاصي، ولكن النصارى يقولون إن التوبة مهما كان شأنها ليست كافية للصفح عما مضى من خطايانا (١).

فالتوبة هي الطريق إلى المغفرة والخلاص، فالتوبة التي ذكر الله في القرآن أن آدم قد تاب، وهي باب عظيم من أبواب فضل الله جعله للخاطئين، فلمَ لا يقولون بأن آدم تاب وقُبلت توبته؟ ولم يصرون على القصاص الدموي؟ (٢).

وذلك لأن في القول بالتوبة والأعمال الصالحة وسائل لتكفير الذنوب هدمٌ لأصل معتقدهم، والأساس الذي بُنيت عليه عقيدة الصلب هو خطيئة آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الموروثة منه إلى أبنائه عقيدة باطلة من أساسها؛ لأن آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عندما عصا ربه بالأكل من الشجرة المحرمة قد استغفر الله تعالى وتاب وأناب إليه، وقد قبل الله تعالى توبته، وهذا ما صرح به القرآن الكريم في عدة آيات من الذكر الحكيم، قال تعالى: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)} (البقرة: ٣٥ - ٣٧).

وقال تعالى: {وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَال مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا


(١) هل افتدانا المسيح؟ لمنقذ سقار (١٦١: ١٦٢).
(٢) ولكن شُبه لهم، لجمال شرقاوي (٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>