للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستغفره ويعمل صالحًا ليكفِّر عن ذنبه، فنحن إذًا لا نقول بأن الأعمال ثمنًا للخلاص، فإن نعم الله -عَزَّ وَجَلَّ- على العبد لا تُعد ولا تُحصى، وإن أعمال العبد من توفيق الله، وهي لا توفي شكر هذه النعم فضلًا عن وقوع الذنوب من العبد التي تحتاج لأعمال تكفِّرها، فإن النجاة هي من فضل الله ومنِّه، وتتحقق بطاعته واجتناب نهيه وإخلاص العمل له وحده.

حق الله تعالى على العباد كما يعرِّفه أهل الإسلام: وهذا الحق من أعظم الحقوق وأجلَّها قدرًا، وهو يدور على أصلين:

الأول: عبادته سبحانه.

الثاني: توحيده -عَزَّ وَجَلَّ- وعد الإشراك به شيئًا، ومعنى حق الله تعالى على العباد ما يستحقه عليهم متحتمًا عليهم (١).

قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) فالعبادة هي الغاية التي خلق لها الجن والإنس والخلائق كلها قال الله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)} أي مهملًا، قال الشافعي: لا يؤمر ولا ينهى وقال غيره لا يثاب ولا يعاقب والصحيح الأمران فإن الثواب والعقاب مترتبان على الأمر والنهي والأمر والنهي طلب العبادة وإرادتها وحقيقة العبادة امتثالهما، فالله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته الجامعة لكمال محبته مع الخضوع له والانقياد لأمره، هاذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديته وسرها فهي إنما تتحقق باتباع أمره واجتناب نهيه فعند اتباع الأمر واجتناب النهي تتبين حقيقة العبودية والمحبة (٢).

حق الله على عباده: سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل فقال له: هل تدري ما حق الله على عباده؟ ، فقال معاذ: الله ورسوله أعلم، فأجابه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.

فالحق هو كل موجود متحقق أو ما سيوجد لا محالة، وكذا الحق المستحق على الغير إذا


(١) موسوعة الحقوق الإسلامية (١٥).
(٢) مدارك السالكين لابن القيم ١/ ٧٧ - ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>