للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبعوثون بها، يبشرون الناس بما فيها، ونحن نبحث وننظر هل هؤلاء رسل حقًّا قد ثبتت رسالتهم بدليل لا مجال للريب فيه؟ ".

بداية لا يسلم المسلمون بأن أحدًا من الحواريين كان رسولًا، كما لم يصرح الإنجيليون فيما سوى بولس بذلك. "إننا نبحث في مراجعهم فلا نجد مرجعًا صحيحًا قرر أن هؤلاء قد ادعوا مثل هذه الرسالة، ودعوا الناس إلى الإيمان بها، ومعهم البرهان عليها، والدليل القائم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه". (١)

"والمسلمون لا يؤمنون بالشهادات التي جعلت النصارى يقولون بنبوتهم، كما لا يؤمنون بغشيان روح القدس لهم بعد خمسين يومًا من صعود المسيح، ذاك الحدث الغريب الذي سجله لوقا، حين قال: "٤ وَامْتَلأَ الجمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا." (أعمال ٢/ ٤).

كما لا يؤمن المسلمون بالمعجزات التي تنسبها إليهم تلك الأسفار، فكل هذه الأخبار لم ترد في دليل له اعتبار عندنا." (٢)

"وأما المنسوب إلى بطرس في رسالته الثانية "٢١ لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نبوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ الله الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (بطرس (٢) ١/ ٢١)، وهو النص الذي يعتبره النصارى أصرح أدلتهم على إلهامية الكتبة ونبوتهم، فلا يصلح في الدلالة على إلهام الإنجيليين لأمور: أهمها أن هذه الرسالة لا تثبت نسبتها إلى بطرس ولا إلى أحد من أبناء الجيل المسيحي الأول.

وأيضًا لو سلمنا بصدق نسبة الرسالة إلى التلميذ بطرس، فإن بطرس قد مات قبل أن يدون مرقس (أول الإنجيليين تدوينًا) ثم بقية الإنجيليين كتاباتهم، فليس هؤلاء مَن تحدث عنه بطرس، إذ لا يعقل أن يوثق بطرس كتابات لم تكن قد كتبت بعد.


(١) محاضرات في النصرانية (٨٧ - ٨٨).
(٢) هل العهد الجديد كلمة الله؟ (ص ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>