وإذا كان اعتبار النصارى لهؤلاء التلاميذ أنبياء لمجرد أن قاموا ببعض المعجزات التي لم تقترن بدعوى النبوة منهم، فهذا لا يكفي في تقرير نبوتهم وعصمتهم، "ودعوى العصمة في كل واحد من الحواريين وأنهم رسل الله بمنزلة إبراهيم وموسى عليهما السلام دعوى ممنوعة وهي باطلة وإنما هم رسل المسيح - عَلَيْهِ السَّلَام - بمنزلة رسل موسى ورسل إبراهيم ورسل محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأكثر النصارى أو كثير منهم أو كلهم يقولون هم رسل الله وليسوا بأنبياء وكل من ليس بنبي فليس برسول الله وليس بمعصوم وإن كانت له خوارق عادات كأولياء الله من المسلمين وغيرهم فإنه وإن كانت لهم كرامات من الخوارق فليسوا معصومين من الخطأ، والخوارق التي تجري على يدي غير الأنبياء لا تدل على أن أصحابها أولياء الله عند أكثر العلماء فضلا عن كونهم معصومين ... ". (١)
"وأيضًا تذكر الأسفار المقدسة أن المعجزات والآيات قد تعطى للكاذبين الذين يدعون النبوة، فالمسيح قال: " ٢٤ لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ المُخْتَارِينَ أيضًا. ٢٥ هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. " (متى ٢٤/ ٢٤ - ٢٥)، كما أن لوقا لم يثبت أن له معجزة، وكذلك مرقس.
كما أن الأعاجيب لا تصلح أكثر من دليل على الإيمان فحسب، إذ كل مؤمن - حسب الإنجيل - يستطيع أن يأتي بإحياء الموتى وشفاء المرضى، فقد نقل متى عن المسيح قوله: "٢٠ فَقَال لَهُمْ يَسُوعُ: "لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُول لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَان مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لهِذَا الجبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ."(متى ١٧/ ٢٥).
تقول الرهبانية اليسوعية في تعليقها على هذه الفقرة:"بإمكان المؤمن على مثال الله نفسه أن ينقل جبلًا من الجبال".