بينما يذكر بولس في الرواية الثالثة (أعمال ٢٦) أن المسيح أخبره بتعليماته بنفسه، فقد قال له:"لأَنِّي لهِذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِمًا وَشَاهِدًا بَما رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ، مُنْقِذًا إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ، ... "(أعمال ٢٦/ ١٦ - ١٨).
٣ - جاء في الرواية الثانية أن المسافرين مع بولس "نَظروا النُّورَ وَارْتَعَبُوا"(أعمال ٢٢/ ٩)،
لكنه في الرواية الأولى يقول:"يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلَا يَنْظُرُونَ أَحَدًا."(أعمال ٩/ ٧).
٤ - جاء في الرواية الأولى والثانية أن بولس "فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ"(أعمال ٩/ ٤)، بينما المسافرون وقفوا، وفي الرواية الثالثة أن الجميع سقطوا، فقد جاء فيها "فَلَمَّا سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ"(أعمال ٢٦/ ١٤).
٥ - جاء في الرواية الأولى "أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، "(أعمال ٩/ ٣)، ومثله في الرواية الثانية (انظر أعمال ٢٢/ ٦)، غير أن الرواية الثالثة تقول:"قَدْ أَبْرَقَ حَوْلِي وَحَوْلَ الذَّاهِبِينَ مَعِي."(أعمال ٢٦/ ١٣).
فحدث بهذه الأهمية في تاريخ بولس ثم النصرانية لا يجوز أن تقع فيه مثل هذه الاختلافات، "وإن تقديم شهادتين مثل هاتين (الرواية الأولى والثالثة) أمام محكمة ابتدائية في أي قضية، ولتكن حادثة بسيطة من حوادث السير على الطرق لكفيل برفضهما معًا، فما بالنا إذا كانت القضية تتعلق بعقيدة يتوقف عليها المصير الأبدي للملايين من البشر"(١)، إذ بعد هذه الحادثة أصبح شاول الرسول بولس مؤسس المسيحية الحقيقي.
لكن إذا أردنا تحليل الهدف الذي جعل بولس يختلق هذه القصة فإنا نقول: يبدو أن بولس اندفع للنصرانية بسبب يأسه من هزيمة أتباع المسيح، فقد رآهم يثبتون على الحق
(١) اختلافات في تراجم الكتاب المقدس، أحمد عبد الوهاب (ص ١٠٣) ولنظر للأهمية أيضًا "بولس وتحريف المسيحي" (ص ٤٠ - ٤٢).