للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ويمكن تلخيص موقف الحواريين وأتباع عيسى الحقيقيين من أفكار بولس أن نقول: إن ثمت صراعًا ضخمًا قام بين بولس وأنصاره من جانب وبين المسيحيين من جانب آخر، وقد طال مدى هذا الصراع، وامتد قرونا بعد وفاة بولس، ونتائج هذا الصراع كانت مطابقة للمنطق والعقل، ففي جانب بولس كانت قلة محدودة جدًّا من المثقفين المسيحيين، وكثرة ساحقة من الجماهير وكان جانب المسيحيين الحقيقيين بالعكس أي كان معهم جماهير المثقفين وقلة من العامة، أما الطبقة الحاكمة فقد كانت ميولها في جانب بولس وأتباعه، وابتداء من مطلع القرن الرابع برزت هذه الميول وأصبحت تهديدًا صريحًا لاتجاهات بولس، وإلزاما للناس باتباعها.

والذي يطالع رسائل بولس إلى الفليبيين والكولوسيين والغلاطيين ورسالته إلى تيموثاوس ورسالته إلى تيطس يجد من ذلك الشيء الكثير، ويجد شيئًا آخر مهمًا هو سلوك بولس مع مخالفيه في الرأي وتحقيره لهم وإغراؤه بهم، وها هي صورة سريعة لهذا الصراع من هذه الأقوال." (١)

يقول بولس وهو ينقل لنا ردود أفعال التلاميذ: "فَإِنَّ هؤُلَاءِ المُعْتَبرِينَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَيَّ بِشَيْءٍ. بَلْ بِالْعَكْسِ، إِذْ رَأَوْا أَنِّي اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ كَمَا بُطْرُسُ عَلَى إِنْجِيلِ الخِتَانِ .. أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ، وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ. غَيْرَ أَنْ نَذْكُرَ الْفُقَرَاءَ. وَهذَا عَيْنُهُ كُنْتُ اعْتَنَيْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ." (غلاطية ٢/ ٧ - ١٠).

إذا كان ما يقوله بولس صحيحًا فإن التلاميذ أبعدوا بولس بعيدًا عن اليهود الذين بعث إليهم المسيح وأوصى تلاميذه مرة بعد مرة أن يقوموا بدعوتهم، وأما إرسال برنابا معه فيبدو أنه كان بقصد التوجيه والإصلاح لبولس، وهو يقوم بدعوة الوثنيين الغلف في الغرب.

ثم يسجل بولس في رسائله آراء تلاميذ المسيح والمسيحيين في مبادئه الجديدة ودعوته فيقول:

١ - "أَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ فِي أَسِيَّا ارْتَدُّوا عَنِّي" (تيموثاوس (٢) ١/ ١٥)، وقد انفض عنه الجميع،


= فقد شرح بالتفصيل حالة الشقاق والخصام التي كانت بين بولس والتلاميذ.
(١) المسيحية أحمد شلبي (١١٨ - ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>