للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما بوذا المخلص عند الهنود الوثنيين فلعله أكثر الصور تطابقًا مع ما يقوله النصارى عن المسيح، فقد ذكر صاحب كتاب "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية" التشابه بين بوذا والمسيح من ثمانية وأربعين وجهًا، ولعل مرد هذا التشابه إلى تأخره التاريخي، فكان تطوير النصارى لذلك المعتقد ضئيلًا.

وكذلك التشابه الكبير في الألقاب التي يطلقها هؤلاء وهؤلاء على ما يعبدونه، فالبوذيون كما نقل المؤرخون يسمون بوذا المسيح المولود الوحيد، ومخلص العالم، ويقولون: إنه إنسان كامل وإله كامل تجسد بالناسوت، وأنه قدَّم نفسه ذبيحة ليكفر ذنوب البشر ويخلصهم من ذنوبهم حتى لا يعاقبوا عليها. (١)

وجاء في أحد الترنيمات البوذية عن بوذا: "عانيتَ الاضطهاد والامتهان والسجن والموت والقتل بصبر وحب عظيم لجلب السعادة للناس، وسامحتَ المسيئين إليك".

ويذكر مكس مولر في كتابه "تاريخ الآداب السنسكريتية" فيقول: "البوذيون يزعمون أن بوذا قال: دعوا الآثام التي ارتكبت في هذا العالم تقع عليّ، كي يخلص العالم".

ويرى البوذيون أن الإنسان شرير بطبعه، ولا حيلة في إصلاحه إلا بمخلص ومنقذ إلهي.

وكذلك فإن المصريين يعتبرون أوزوريس إلهًا ويقول المؤرخ بونويك في كتابه "عقيدة المصريين": يعد المصريون أوزوريس أحد مخلصي الناس، وأنه بسبب جده لعمل الصلاح يلاقي اضطهادًا، وبمقاومته للخطايا يقهر ويقتل".

ويوافقه دوان في كتابه "خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها من الديانات الأخرى".

لذا يقول آرَثر ويجال: "إن هذه العقيدة دخيلة من مصدر وثني، وهي حقًّا من آثار الوثنية في الإيمان". (٢)


(١) العقائد الوثنية في الديانة النصرانية (٢٠٣ - ٢١٩).
(٢) انظر: الغفران بين الإسلام والمسيحية، إبراهيم خليل أحمد (١١٨)، معاول الهدم والتدمير في النصرانية وفي التبشير، إبراهيم الجبهان (١٤٧)، حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر، أحمد عبد الوهاب (٧٠ - ٧١)، هل العهد الجديد كلمة الله؟ (٩٠ - ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>