اليسوعية، حيث يقول هؤلاء تعليقًا على الأعداد الخيالية لبني إسرائيل المذكورة في (صموئيل (٢) ٢٤/ ٩) ما نصه: "من الواضح أن الأرقام مبالغ فيها كما في كثير من الأرقام المماثلة في العهد القديم".
وإذا تساءلنا عن الرقم الحقيقي للخارجين من مصر، فإن دائرة المعارف البريطانية تجزم بأن عددهم لم يتجاوز الخمسة عشر ألفًا.
ولا يفوتنا التنبيه على خطأ توراتي آخر يختص بمدة إقامة بني إسرائيل في مصر، حيث تذكر التوراة أن الله قال لإبراهيم:"اعْلَمْ يَقينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ، ويُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ. فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ."(التكوين ١٥/ ١٣)، ووهو صريح أن مدة ذلتهم في أرض مصر أربع مائة سنة، وهذا الرقم يؤكده سفر الخروج بقوله:"وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أقامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً."(الخروج ١٢/ ٤٠).
وهذا الذي ذكرته الأسفار التوراتي خطأ ولا ريب، إذ لم يمكثوا في مصر إلا مائتين وخمس عشرة سنة، وقد أقر علماء النصرانية ومحققوها بذلك، واجتهدوا في تصحيح الخطأ، فزعم القس منيس عبد النور في كتابه "شبهات وهمية" أن المدة المذكورة في التوراة تبدأ من ابتداء دعوة إبراهيم في العراق، وبمثله قال آدم كلارك في تفسيره، وكذا وافقهما جامعو تفسير هنري واسكات. (١)
وما ذهبوا إليه هو تصحيح للنص في ضوء المعطيات التاريخية، لكنه على أي حال تلاعب بالنص الذي يصرح بأن الأربعمائة سنة هي مقدار إقامتهم وذِلتهم واستِعبادهم في مصر، كما هو بيّنُ في قوله:"فيذلونهم أربع مائة سنة"، وقوله:"وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً."(الخروج ١٢/ ٤٠)، فليس في النصين أي تضمين لفترة ما قبل دخولهم إلى مصر.
(١) وانظر: كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين، (٣٤٦)، حيث ذكر أن دخول يعقوب وبنيه إلى مصر كان في سنة ١٧٠٦ ق. م، وأن عبورهم بحر القُلزُم وغرق فرعون كان في سنة ١٤٩١ ق. م.