للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تقوله النصارى، ولا كفروا به وقالوا على مريم بهتانا عظيما حتى جعلوه ولد بغية كما زعمت اليهود، بل قالوا هذا عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه. (١)

وكذلك في صفات الله تعالى: فإن اليهود وصفوا الله تعالى بصفات المخلوق الناقصة؛ فقالوا: هو {فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}. وقالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}. وقالوا: إنه تعب من الخلق فاستراح يوم السبت. إلى غير ذلك.

والنصارى وصفوا المخلوق بصفات الخالق المختصة به فقالوا: إنه يخلق ويرزق؛ ويغفر ويرحم ويتوب على الخلق ويثيب ويعاقب.

والمؤمنون آمنوا بالله سبحانه وتعالى ليس له سميٌّ ولا ندٌّ ولم يكن له كفوا أحد وليس كمثله شيء. فإنه رب العالمين وخالق كل شيء وكل ما سواه عباد له فقراء إليه {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} (مريم: ٩٣ - ٩٥). (٢)

٢) في جانب التشريع وكذلك هم وسط في شرائع دين الله فلم يحرموا على الله أن ينسخ ما شاء ويمحو ما شاء. ويثبت كما قالته اليهود كما حكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} (البقرة: ١٤٢).

وبقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} (البقرة: ٩١).

ولا جوزوا لأكابر علمائهم أن يغيروا دين الله فيأمروا بما شاءوا وينهوا عما شاءوا كما يفعله النصارى كما ذكر الله ذلك عنهم بقوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (التوبة: ٣١).


(١) فتاوى ابن تيمية (٣/ ٣٧٠).
(٢) فتاوى ابن تيمية (٣/ ٣٧١ - ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>