مستحيل التصور والقبول في العقل، ولكن الكنيسة فرضت على الناس قبوله ومنعتهم من منقاشته، وإلا عرضوا للطرد والحرمان. وهل ورد هذا الأمر في الكتب المقدس، حتى يجب الأخذ به من غير تفسير أو تأويل؟ إنه أمر استقلت به الكنيسة وأعلنته وأبدته في أحد مجامعها، غير معتمدة في ذلك على نص صريح من الكتب المقدسة عندهم.
ولقد خالفت في بعض شأنه الكنيسة الكاثوليكية غيرها من الكنائس، فالكنيسة الشرقية ترى أن العشاء الرباني لا يكون بالفطير، بينما تراه الكنيسة اللاتينية، ووجد من أحرار الفكر من ينكرون هذه الاستحالة، ويعتقدون أنها غير ممكنة في العقل ولا سائغة في الفكر.
أما المسألة الثانية وهي مسألة امتلاك الكنيسة حق الغفران للمسيء في الدنيا فقد قررته الكنيسة حقًّا لنفسها في المجمع الثاني عشر أيضًا.
وقد جاء في كتاب تاريخ الكنيسة في بيان قرار المجمع في هذا الشأن:(أنهى المجمع تعليمه فيما يتعلق بأمر الغفران) فقال: (إن يسوع المسيح ما كان قد قلد الكنيسة سلطان منح الغفرانات، وقد استعملت الكنيسة هذا السلطان الذي نالته من العلا منذ الأيام الأولى، قد أعلم المجمع المقدس، وأمر بأن تحفظ للكنيسة في الكنيسة هذه العملية الخلاصية للشعب المسيحي، المثبتة بسلطان المجامع).
ثم ضرب بسيف الحرمان من يزعمون أن الغفرانات غير مفيدة، أو ينكرون على الكنيسة سلطان منحها، غير أنه قد رغب في أن يستعمل هذا السلطان باعتدال واحتراس حسب العادة المحفوظة قديمًا، والمثبتة في الكنيسة، لئلا يمس التهذيب الكنسي تراخ بفرط التساهل.
هذا قرار المجمع، وفيه تمكين للكنيسة من سلطان قوي جبار، وهو سلطان مسح الذنوب، وغفرانها مهما يكن مقدارها، ومهما تكن قد دنست النفس، وأرهقت القلب، ولكنه قد أوصى الكنيسة بالاعتدال والاحتراس، حتى لا يؤدي الإفراط في منح الغفران إلى ترك التهذيب الديني، وهجر تعاليم الكنيسة، والعبث بهدى الدين، فهل أخذت الكنيسة بما أعطاها المجمع، وراعت حق الرعاية ما أوصاها به من عدم الإفراط في