فهم في باب أسماء الله وآياته وصفاته وسطٌ بين أهل التعطيل، الذين يلحدون في أسماء الله وآياته ويعطلون حقائق ما نعت الله به نفسه؛ حتى يشبهوه بالعدم والموات وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال ويشبهونه بالمخلوقات.
فيؤمن أهل السنة والجماعة بما وصف الله به نفسه وما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف وتمثيل.
وهم في باب خلقه وأمره وسط بين المكذبين بقدرة الله؛ الذين لا يؤمنون بقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وخلقه لكل شيء؛ وبين المفسدين لدين الله الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل. فيعطلون الأمر والنهي والثواب والعقاب فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا:{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ}(الأنعام: ١٤٨).
فيؤمن أهل السنة بأن الله على كل شيء قدير. فيقدر أن يهدي العباد ويقلب قلوبهم وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في ملكه ما لا يريد ولا يعجز عن إنفاذ مراده وأنه خالق كل شيء من الأعيان والصفات والحركات.
ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل وأنه مختار ولا يسمونه مجبورا؛ إذ المجبور من أكره على اختلاف اختياره والله سبحانه جعل العبد مختارًا لما يفعله فهو مختار مريد والله خالقه وخالق اختياره وهذا ليس له ثظير. فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
وهم في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد وسط بين الوعيدية؛ الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار ويخرجونهم من الإيمان بالكلية ويكذبون بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وبين المرجئة الذين يقولون: إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء والأعمال الصالحة ليست من الدين والإيمان. ويكذبون بالوعيد والعقاب بالكلية.
فيؤمن أهل السنة والجماعة بأن فساق المسلمين معهم بعض الإيمان وأصله وليس معهم جميع الإيمان الواجب الذي يستوجبون به الجنة وأنهم لا يخلدون في النار. بل يخرج