للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان أو مثقال خردلة من إيمان وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته.

وهم أيضًا في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم وسط بين الغالية. الذين يغالون في علي - رضي الله عنه - فيفضلونه على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ويعتقدون أنه الإمام المعصوم دونهما وأن الصحابة ظلموا وفسقوا، وكفروا الأمة بعدهم كذلك وربما جعلوه نبيا أو إلها وبين الجافية الذين يعتقدون كفره وكفر عثمان - رضي الله عنهما - ويستحلون دماءهما ودماء من تولاهما. ويستحبون سب علي وعثمان ونحوهما ويقدحون في خلافة علي - رضي الله عنه - وإمامته (١).

وهم وسط بين المعتزلة المعظمين للعقل إلى درجة أنهم يردون المتواتر من الأحاديث ويلوون أعناق الآيات بتأويلاتهم الفاسدة لزعمهم أنها تخالف العقل، وبين أهل الجمود والظاهر ممن يلغون دور العقل في الفهم والاستنباط والفقه ولا يثبتون للنص معنى.

وهم وسط بين من يقول: نقرأ القرآن والسنة للبركة، وأما العلم والفقه فهو مدون في المتون والمختصرات والمطولات وأقوال الرجال، ويحفظون الأقوال والمسائل دون اهتمام بالدليل، وبين من يقول: "الكتاب والسنة"، بمعنى إهدار جهود السابقين من الأئمة الأعلام ومصابيح الظلام الذين أصَّلُوا الأصول وفرَّعوا الفروع ونفعوا الأمة وخدموا الكتاب والسنة، فالمتأخرون من بحر علومهم يغرفون، ولكن هذا لا يعني أنهم معصومون ولا يخطئون، فأهل السنة والجماعة يحبونهم ويحترمونهم وينتفعون بعلومهم ويستعينون بأقوالهم لفهم الكتاب والسنة واتباع الصحيح من الأقوال.

وهم وسط بين من يقول بأن كل مجتهد مصيب وبين من يسفه آراء العلماء ويتطاول على أئمة الإسلام، وقولهم في المسألة كل مجتهد مأجور وإن أخطأ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا حَكَمَ الحاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ واحد" (٢).


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (٣/ ٣٧٣ - ٣٧٥).
(٢) البخاري (٧٣٥٢)، مسلم (١٧١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>