إن ما يقوله مؤلف هذا الكتاب بشأن العلم إنما هو محاولة من جانبه لتنحية حقائق العلم حتى لا تكشف التناقض والخطأ في بعض نصوص التوراة يتضح لنا مدى ضيقهم وضجرهم إزاء حقائق العلم مما يفضي إلى استحالة الدفاع عن هذه الأخطاء التوراتية دفاعًا منطقيًا مقنعًا فيما عدا اللجوء إلى القصور البشري، والادعاء بأنهم الممتثلون الشرعيون لجزء من الوحي الإلهي.
إن هذا الضيق الذي يعتري الأوساط المسيحية فيما يتعلق بشأن الوحي الإلهي (في التوراة) كان واضحًا جدًّا في المجمع المسكوني الثاني للفاتيكان (١٩٦٢ - ١٩٦٥) بحيث إنه قد تطلب تجريب ما لا يقل عن ٥ صياغات، حتى اتفقوا على النص النهائي لقرارهم بعد ثلاث سنوات من المناقشات حتى ينتهوا من (هذا الوضع المؤلم الذي كان يهدد بسحب الأرض من تحت أقدام المجمع المسكوني الثاني للفاتيكان) على حد تعبير صاحب القداسة الأسقف فيبر في مقدمته التي كتبها للوثيقة المسكونية الرابعة من الوحي الإلهي في التوراة.
وهنالك جملتان وردتا في هذه الوثيقة الخاصة بالوحي الإلهي في التوراة، وردتا في الفصل الرابع ص ٥٣، وتشير هاتان الجملتان إلى وجود شوائب في بعض النصوص مما يفضي إلى بطلانها بشكل لا يسمح بأي معارضة لهذا البطلان ومع ذلك تسبغ عليها هالة من الألوهية والقداسة عندما تقول بالحرف الواحد (وبالنظر إلى موقف الناس من الخلاص قبل مجيء المسيح فإن العهد القديم (التوراة) إنما يمكن كل الناس أن يعرفوا من هو الله؟ ومن هو الإنسان؟ وكيف تصرف الله بعدله ورحمته نحو الإنسان؟ وأسفار العهد القديم مع أنها تحوي مادة لا تبلغ حد الكمال وبها شوائب يعتريها البطلان فهي تحوي أيضًا ما يدل على أنها تعاليم إلهية حقيقية).
وليس هناك تعبير أكثر حسمًا من هذا التعبير الوارد في هذه الوثيقة مستخدمًا كلمات مثل (عديم الاكتمال) وكلمات مثل (ظاهر البطلان والخطأ) ليتضح الانتقاد الذي ينبغي أن يفضي إلى نبذ القبول بمحتوى هذه النصوص. إن مبدأ وجوب نبذ هذه النصوص قد