للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الشريعة الإسلامية - كما سبق - اعتمادها الأساسي على التيسير ورفع الحرج وللتحقيق فقد اعتمدت على عدة أسس أو مرتكزات مثل:

١) الرُخْصَة: ومعناها لغة: ترخيصُ الله للعبد فيها يخففه عليه، والتسهيلُ (١).

واصطلاحًا: ما ثبت على خلاف دليلٍ شرعي لمعارض راجح (٢).

والرخصة قاعدة عظيمة من قواعد هذا الدين حيث تشمل جميع أمور الدين وجوانبه في العقيدة والعبادة والمعاملة والعقوبات وغيرها، وهي منحة وصدقة من الله تعالى لعباده، كما قال عليه الصلاة والسلام "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَةُ" (٣).

والرخصة من أهم معالم اليسر في هذا الدين، وأن الله - تعالى - إنما أجازها ليخفف عن عباده وطأة بعض التكاليف، ويعذرهم عما لا يطيقونه لذلك يستحب إتيان هذه المنحة والعمل بها في مواضع الجواز، يقول - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ" (٤).

ونسوق بعض الأمثلة التي توضح تيسير الشرع الحنيف في هذا الجانب وهو الرخص.

أ) الرخصة في السفر: وذلك بقصر الصلاة الرباعية المفروضة وصلاتها ركعتين، والجمع بين صلاتي الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير.

وكذلك الإفطار للصائم لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: ١٨٤). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ" (٥).

ب) التيمم بالتراب عند عدم وجود الماء أو عند تعذر استعماله لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ


(١) القاموس المحيط (١/ ٨٤٣).
(٢) شرح الكوكب المنير (١/ ٤٧٨)، روضة الناظر (١/ ١٩٠).
(٣) مسلم (٦٨٦).
(٤) أحمد (٢/ ١٠٨)، وابن خزيمة في صحيحة (٢٠٢٧)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (١٠٥٩).
(٥) البخاري (١٩٤٦)، مسلم (١١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>