للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (المائدة: ٦).

جـ) الرخصة في الحيض والنفاس، وهما عذران للصلاة والصيام والطواف بالنسبة للمرأة (١).

٢) الأصل في الأشياء الإباحة: وهذا من أهم المرتكزات والأسس التي قام عليها منهج التيسير في الإسلام وهو أن الأصل في الأشياء حلها وإباحتها، وليس منعها وحرمتها، فكل ما خلق في هذا الكون مسخرٌ للإنسان ومهيأ للاستمتاع به، ما لم يكن فيه نهي صريحٌ، فقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} (الجاثية: ١٣). وبما أن الشارع قد بين ذلك فلا يحق لأحد أن يحرم هذا المباح، فإنه بذلك يدخل في نطاق التنطع والتعنت المنهي عنه، ومن أجل ذلك جاء التحذير الرباني بالنهي عن تحريم الأمور المباحة أو تحليل المحرم، فقد كان هذا السؤال سببًا لإخراج الناس من الدين الحق، وإحلال غضب الله عليهم، كما حدث لبعض الأمم السابقة، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} (المائدة: ١٠١، ١٠٢).

ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ" (٢).

٣) عدم المؤاخذة على الخطأ والنسيان والإكراه: وفي هذا الأمر تظهر سماحة الإسلام ويسره في توافقه مع الفطرة الإنسانية السليمة التي خلقها الله في نفس الإنسان، ومن هذه الفطرة الخطأ الذي يقع فيه الإنسان في معظم أحواله من غير قصد، وكذلك ما يعتريه من نسيان - وهو ما ذكره الله تعالى - على لسان المؤمنين الذين قالوا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} "قَال قَدْ فَعَلْتُ" (٣).

وما كان يجيب به - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على من أخطأ أو نسي فقدم أو أخر فكان الجواب دائمًا"


(١) انظر: المنثور في القواعد للإمام الزركشي تحت فصل بعنوان (الرخص).
(٢) البخاري (٧٢٨٩)، مسلم (٢٣٥٨).
(٣) مسلم (١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>