للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افْعَلْ وَلَا حَرَجَ" (١).

فما كان هذا الجواب إلا سماحة الإسلام وتيسيره ورفعه الحرج على أتباعه.

وأما الاستكراه فهو أمرٌ خارجٌ عن إرادة الإنسان، لا يستطيع كل إنسان أن يتحمل ما قد يتعرض له من أذى أو ضرر أو تهديد بالقتل أو قطع عضو وغيره، فحينها رخص له الشارع أن يتنازل عن بعض مفاهيمه الدينية تخلصًا من الحال التي يعاينها والعذاب الواقع عليه كما حصل لعمار بن ياسر - رضي الله عنهما - حينما ذكر آلهة قريش بخير ونال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت وطأة التعذيب، وقتل أبواه أمام عينه، فشكا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئنًا بالإيمان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن عادوا فعد" (٢).

وما ذلك إلا رحمة وتيسيرًا لهم، لأن الخطأ والنسيان من الأمور الفطرية التي لا يسلم منها أحد، وأما الإكراه فلأن قوة التحمل تختلف من إنسانٍ لآخر، من أجل ذلك جاء هذا التشريع الرباني بهذه الصورة الميسرة التي تناسب أطباع الناس وفطرهم (٣).

٤) التوبة: والتوبة من الأسس المتينة التي يرتكز عليها منهج التيسير في الإسلام وهي سبب من أسباب ثبات المؤمن وبقائه على دين الله تعالى، حيث تزيل عن كاهله هموم المعاصي وأثقال المخالفات، وتدفعه للعمل دومًا نحو الأفضل، يقول الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)} (الزمر: ٥٣).

والتوبة سبب لمحبة الله تعالى للإنسان عندما ينيب إليه بعد أن عصاه ويندم على فعله:


(١) البخاري (٨٣)، مسلم (١٣٠٦).
(٢) المستدرك (٢/ ٣٥٧)، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ورواه البيهقي في الكبرى (٨/ ٢٠٨/ ١٦٦٧٣). وقال الحافظ في الفتح (١٢/ ٣٢٧): وهو مرسل ورجاله ثقات، وذكر مراسيل أخرى في المعنى نفسه ثم قال: وهذه المراسيل تقوي بعضها بعضًا.
(٣) اليسر والسماحة في الإسلام: تأليف/ فالح بن محمد الصغير تحت فصل بعنوان: مرتكزات منهج التيسير.
وانظر أيضًا: المنثور في القواعد للزركشي عنوان "الخطأ يرفع الإثم".

<<  <  ج: ص:  >  >>