وقد تكون بمعنى القوة أو البيعة كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (الفتح: من الآية ١٠)
قال ابن جرير الطبري: وفي قوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} وجهان من التأويل:
أحدهما: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}: البيعة؛ لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
والآخر: قوة الله فوق قوتهم في نصرة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم إنما بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نصرته على العدو. (١)
وقد تأتي كصفة ولكن معناها في السياق الكرم والإنفاق كما قال تعالى: {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} (المائدة: من الآية ٦٤).
وقد قال ابن جرير الطبري في اختلاف أهل الملة في هذه الآية:
واختلف أهل الجدل في تأويل قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}:
فقال بعضهم: عني بذلك نعمتاه؛ وقال ذلك بمعنى يد الله على خلقه، وذلك نعمه عليهم، وقال: إن العرب تقول: لك عندي يد؛ يعنون؛ بذلك نعمة.
وقال آخرون منهم: عنى بذلك: القوة، وقالوا: ذلك نظير قول الله تعالى ذكره: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥)} (ص: ٤٥).
وقال آخرون منهم: بل يده ملكه، وقال: معنى قوله: {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} ملكه وخزائنه، قالوا: وذلك كقول العرب للمملوك: هو ملك يمينه، وفلان بيده عقدة نكاح فلانة؛ أي يملك ذلك، وكقول الله تعالى ذكره: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} (المجادلة: ١٢).
وقال آخرون منهم: بل يد الله صفة من صفاته، هي أنها ليست بجارحة كجوارح بني آدم عليه السلام، قالوا: وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن خصوصية آدم بما خصه به من خلقه إياه
(١) تفسير الطبري (٢٦/ ٧٦).