للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيده، قالوا: ولو كان لخصوصية آدم بذلك وجه مفهوم؛ إذ كان جميع خلقه مخلوقين بقدرته، ومشيئته في خلقه تعمه، وهو لجميعهم مالك، قالوا: وإذا كان تعالى ذكره قد خص آدم بذكره خلقه إياه بيده دون غيره من عباده؛ كان معلوما إنه إنما خصه بذلك لمعنى به فارق غيره من سائر الخلق، قالوا: وإذا كان ذلك كذلك بطل قول من قال: معنى اليد من الله القوة والنعمة أو الملك في هذا الموضع، قالوا: وأحرى أن ذلك لو كان كما قال الزاعمون: إن يد الله في قوله: {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} هي نعمته؛ لقيل: بل يده مبسوطة، ولم يقل بل يداه؛ لأن نعمة الله لا تحصى بكثرة، وبذلك جاء التنزيل، يقول الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (النحل: ١٨) قالوا: ولو كانت نعمتين ينفذ محصاتين.

قالوا: فإن ظن ظان أن النعمتين بمعنى النعم الكثيرة؛ فذلك منه خطأ؛ وذلك أن العرب قد تخرج الجميع بلفظ الواحد لأداء الواحد عن جميع جنسه؛ وذلك كقول الله تعالى ذكره: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)} (العصر: ١، ٢) وكقوله {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} (البلد: ٤) وقوله: {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (٥٥)} (الفرقان: ٥٥).

قال: فلم يرد بالإنسان والكافر في هذه الأماكن إنسان بعينه، ولا كافر مشار إليه حاضر؛ بل عنى به جميع الكفار؛ ولكن الواحد أدى عن جنسه؛ كما تقول العرب: ما أكثر الدرهم في أيدي الناس، وكذلك قوله: {وَكَانَ الْكَافِرُ} معناه: وكان الذين كفروا.

قالوا: فأما إذا ثني الاسم فلا يؤدى عن الجنس، ولا يؤدى إلا عن اثنين بأعيانهما دون الجميع ودون غيرهما.

قالوا: وخطأ في كلام العرب أن يقال: ما أكثر الدرهمين في أيدي الناس! بمعنى: ما أكثر الدراهم في أيديهم! .

قالوا: وذلك أن الدرهم إذا ثني لا يؤدى في كلامها إلا عن اثنين بأعيانهما.

قالوا: وغير محال ما أكثر الدرهم في أيدي الناس! ، وما أكثر الدراهم في أيديهم! ؟ لأن الواحد يؤدي عن الجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>