للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال آخرون: معنى ذلك لا يستطيع الشيطان أن ينقص منه حقا ولا يزيد فيه باطلا، قالوا: والباطل هو الشيطان، وقوله: {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} من قبل الحق، {وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} من قبل الباطل ذكر من قال ذلك:

عن قتادة: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} الباطل: إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا، ولا يزيد فيه باطلًا.

وقال آخرون: معناه إن الباطل لا يطيق أن يزيد فيه شيئًا من الحروف، ولا ينقص منه شيئًا منها. ذكر من قال ذلك:

عن السدي: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} قال: الباطل هو الشيطان لا يستطيع أن يزيد فيه حرفا، ولا ينقص.

وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب: أن يقال معناه لا يستطيع ذو باطل بكيده تغييره بكيده، وتبديل شيء من معانيه عما هو به، وذلك هو الإتيان من بين يديه. ولا إلحاق ما ليس منه فيه وذلك إتيانه من خلفه. (١)

٣ - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الحجرات: ١). والمقصود بقوله: {بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} مخالفة الكتاب والسنة.

قال ابن جرير: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} يقول: لا تعجلوا بقضاء أمر في حروبكم أو دينكم، قبل أن يقضي الله لكم فيه ورسوله، فتقضوا بخلاف أمر الله وأمر رسوله، محكيٌّ عن العرب فلان يقدم بين يدي إمامه، بمعنى يعجل بالأمر والنهي دونه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم بالبيان عن معناه. (٢)


(١) تفسير الطبري (٢٤/ ١٢٥).
(٢) تفسير الطبري (٢٦/ ١١٦)، وذكر بسنده عن ابن عباس قوله: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، وانظر تفسير ابن كثير (٤/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>