للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا جمهور أهل السنة؛ بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو ممن انتصر لهذا القول وأطال الكلام جدًّا على هذا الحديث، قال: لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى، فإنه مستفيض من طرق متعددة، عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك (١).

وممن أثبت أن الصورة لله تعالى بهذا الحديث: إسحاق بن راهوية، والإمام أحمد. فعن إسحاق الكوسج أنه قال: قلت لأحمد (لا تقبحوا الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته) (٢)، أليس تقول بهذه الأحاديث؟ قال أحمد: صحيح.

وقال ابن راهوية: صحيح ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي (٣).

وسُئل الإمام أحمد فقيل له: يا أبا عبد الله الحديث الذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أن الله خلق آدم على صورته) على صورة آدم؟ فقال: فأين الذي يروي عن النبي (أن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن) (٤).

وأي صورة كانت لآدم قبل أن يُخلق؟ (٥).


(١) بيان تلبيس الجهمية تحقيق د. عبد الرحمن يحيى (٢/ ٣٩٦).
(٢) مسائل الإمام أحمد وإسحاق للكوسج (٢/ ٥٣٥)، مسند أحمد بهذا اللفظ عن ابن عمر، ابن أبي عاصم في السنة (٥١٨)، الدارقطني في الصفات (٤٩)، وحسنه الألباني في ظلال الجنة (٥١٧).
(٣) الشريعة للآجري (٣/ ١١٢٨: ١١٢٧)، ابن بطة في الإبانة (٦/ ٩٦).
(٤) تقدم تخريجه، وهو ضعيف.
(٥) إبطال التأويلات (١/ ٩٠: ٨٨).
تنبيه: رُوي عن الإمام أحمد أنه قال في معنى الحديث: صور آدم قبل خلقه ثم خلقه على تلك الصورة، فأما أن يكون الله خلق آدم على صورته فلا، وقد قال الله (ليس كمثله شيء)، ولا نقول: إن الله يشبهه شيء من خلقه، ولا يخفى على الناس أن الله خلق آدم على صورة آدم. ولكن هذه الرواية باطلة لا تصح عن الإمام أحمد؛ إذ أن جميع الروايات عنه في هذا الباب ترد هذه الرواية وتبطلها، كيف وقد جعل الإمام أحمد هذا التأويل من تأويلات الجهمية، وقد نقل هذه الرواية أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات (١/ ٨٨ - ٩٠)، ثم قال: قال أبو طالب المكي: هذا توهمٌ عن أحمد، إنما هذا قول أبى ثور، فذكر ذلك لأحمد فأنكر عليه، وقال: ويله، وأي =

<<  <  ج: ص:  >  >>