للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد سمعه من عطاء بن أبي رباح، وصح أنه عن ابن عمر على ما رواه الأعمش، فمعنى هذا الخبر عندنا أن إضافة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه، لأن الخلق يضاف إلى الرحمن، إذ الله خلقه، وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن؛ لأن الله صورها، ألم تسمع قوله عزَّ وجلَّ: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١]، فأضاف الله الخلق إلى نفسه؛ إذ الله تولى خلقه إلى آخر كلامه، وكذاك قوله عزَّ وجلَّ: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [الأعراف: ٧٣]، فأضاف الله الناقة إلى نفسه (١).

وقال النووى: وَقَالتْ طَائِفَة: يَعُود إِلَى الله تَعَالى، ويكُون المُرَادُ إِضَافَة تَشْرِيف وَاخْتِصَاص كَقَوْلِهِ تَعَالى: {نَاقَةُ اللَّهِ} وَكَما يُقَال فِي الْكَعْبَة: بَيْت الله وَنَظَائره. وَالله أَعْلَم (٢).

القول الثالث: أن الضمير في قوله (على صورته) عائد على المضروب:

قال النووى رحمه الله: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَأْوِيله فَقَالتْ طَائِفَة: الضَّمِير فِي (صُورَته) عَائِد عَلَى الأخ المَضْرُوب، وَهَذَا ظَاهِر رِوَايَة مُسْلِم (٣).

وقال ابن حجر رحمه الله: وَاخْتُلِفَ فِي الضَّمير عَلَى مَنْ يَعُود؟ فَالْأكثَر على أنَّهُ يَعُودُ عَلَى المَضْرُوبِ لِما تَقَدَّمَ مِنْ الْأَمْر بِإِكْرَامِ وَجْهه، وَلَوْلَا أَنَّ المُرَاد التَّعْلِيل بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الجُمْلَة اِرْتِبَاط بِمَا قَبْلهَا (٤).

ولعل مراد الحافظ بقوله (فالأكثر ... )، أي: أكثر أهل التأويل كابن حبان والبيهقي والقاضي عياض والقرطبي وغيرهم (٥).

وقال أبو حاتم: يريد به صورة المضروب، لأن الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم


(١) التوحيد (١/ ٨٧: ٩١).
(٢) شرح النووي (٨/ ٤١٣).
(٣) شرح النووي (٨/ ٤١٣).
(٤) فتح الباري (٥/ ٢٠٥).
(٥) أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين (١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>