للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرب وجهًا خلق الله آدم على صورته (١).

وهذا القول لا يُعرف عند أحد من أهل السنة سوى ابن خزيمة وابن منده.

قال ابن خزيمة: تَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ أَنَّ قَوْلَهُ: "عَلَى صُورَتهِ" يُرِيدُ صُورَةَ الرَّحْمَنِ عَزَّ رَبُّنَا وَجَلَّ عَنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى الْخَبَرِ، بَلْ مَعْنَى قَوْلِهِ: "خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتهِ"، الْهَاءُ فِي هَذَا الموْضِعِ كِنَايَةٌ عَنِ اسْمِ المَضْرُوبِ، وَالمَشْتُومِ، أَرَادَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الله خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ هَذَا المَضْرُوبِ، الَّذِي أَمَرَ الضَّارِبَ بِاجْتِنَابِ وَجْهِهِ بِالضَّرْبِ، وَالَّذِي قَبَّحَ وَجْهَهَ، فَزَجَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: "وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ"، لِأَنَّ وَجْهَ آدَمَ شَبِيهُ وُجُوهِ بَنِيهِ، فَإِذَا قَال الشَّاتِمُ لِبَعْضِ بَنِي آدَمَ: قَبَّحَ الله وَجْهَكَ وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ، كَانَ مُقَبِّحًا وَجْهَ آدَمَ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، الَّذِي وُجُوهُ بَنِيهِ شَبِيهَةٌ بِوَجْهِ أَبِيهِمْ، فَتَفَهَّمُوا رَحِمكُمُ الله مَعْنَى الخبرِ، لَا تَغْلَطُوا وَلَا تَغَالطُوا فَتَضِلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَتَحْمِلُوا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ الَّذِي هُوَ ضَلَالٌ (٢).

وقال ابن بطال: وذهب طائفة إلى أن الحديث إنما خرج على سبب، وذلك: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يضرب ابنه أو عبده في وجهه لطخًا ويقول: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك فقال - صلى الله عليه وسلم -، وذكره (٣).

وقال البدر العيني: واختلف في مرجع هذا الضمير، فعند الأكثرين يرجع إلى المضروب وهذا حسن (٤).

واستدل من قال بأن الضمير يعود على المضروب بما يلي:


(١) صحيح ابن حبان (١٢/ ٤١٩).
(٢) كتاب التوحيد (١/ ٨٤).
(٣) شرح ابن بطال (٣/ ٧٠).
(٤) عمدة القاري (١٣/ ١١٦) باب إذا ضُرب العبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>