للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخيره بين إحدى ثلاث:

القصاص أو الدية أو العفو، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ "الْخَبْلُ الْجِرَاحُ" فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ أَوْ يَعْفُوَ فَإِنْ أَرَادَ رَابِعَةً فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ عَدَا بَعْدُ فَقَتَلَ فَلَهُ النَّارُ خَالِدًا فِيهَا مُخَلَّدًا (١).

٣) ومن يسر الإسلام وسماحته قبل تطبيق هذه العقوبة أنه يغري أهل المقتول بما عند الله تعالى، إذا تجاوزوا عن القاتل وعفوا عنه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا عَفَا رَجُلٌ إِلَّا زَادَهُ الله بِهِ عِزًّا وَلَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَلَا عَفَا رَجُلٌ قَطُّ إِلَّا زَادَهُ الله عِزًّا" (٢).

٤) ومن سماحة الإسلام ويسره أنه اشترط في جواز تطبيق القصاص اتفاق أولياء الدم جميعًا على هذا القصاص، فإذا وجد من بينهم من عفا عن القاتل وإن كانت امرأة فإن الحكم يسقط، ويمنع القصاص. وكذلك إذا كان من بين أولياء الدم من لم يبلغ سن التمييز أو كان غائبًا، فإنه ينتظر بلوغه أو عودته من غيبته لأخذ رأيه، فإن عفا عن الجاني فإن الحكم يسقط، وقد يأخذ ذلك سنينًا وأعوامًا، وفي ذلك حكمة فربما ينسى هؤلاء الأولياء حنقهم على دمهم وتتخفف الوطأة عليهم، فيكون العفو حينها أقرب إلى القصاص.

ب) عقوبة الزنا: وجريمة الزنا من الجرائم الأخلاقية التي تفسد الأسر والمجتمعات وتضيع الأنساب وتفشي الضغائن والأحقاد، لذلك كانت هذه الجريمة من الكبائر التي توعد الله فاعلها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، لقوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور: ١٩).

وعقوبة الزاني الرجم للمحصن والجلد لغير المحصن، وفي هذا يسر وسماحة، وذلك بتناسب العقوبة مع طبيعة الزاني نفسه، فالزاني الثيب أعظم جرمًا من الزاني غير المحصن، لذلك جاءت عقوبته أقسى وأشد وهي الرجم.


(١) أحمد (٤/ ٣١)، وابن ماجه (٢٦٢٣)، وغيرهما، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (٥٤٣٣).
(٢) أحمد (٢/ ٤٣٨)، من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة وهذا إسناد على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>