للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم: وقوله: (خلق آدم على صورة الرحمن)، لم يُرد به تشبيه الرب وتمثيله بالمخلوق، إنما أراد به تحقيق الوجه، وإثبات السمع والبصر والكلام صفةً ومحلًا، والله أعلم (١).

قال الشوكاني: قال ابن العربي: ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان، فإن الله خلقه حيًّا عالمًا قادرًا مريدًا متكلمًا سميعًا بصيرًا مدبرًا حكيمًا، وهذه صفات الرب سبحانه، وعليها حمل بعض العلماء قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله خلق آدم على صورته "يعني: على صفاته التي تقدم ذكرها. قلت: وينبغي أن يضم إلى كلامه هذا قوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، وقوله: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} [طه: ١١٠]. (٢)

وقال ابن باز: والمعنى والله أعلم أنه خلق آدم على صورته ذا وجه وسمع وبصر يسمع ويتكلم ويبصر ويفعل ما يشاء، ولا يلزم أن يكون الوجه كالوجه والسمع كالسمع والبصر كالبصر .. وهكذا لا يلزم أن تكون الصورة كالصورة (٣).

قال ابن تيمية: من المعلوم أن الشيئين المخلوقين قد يكون أحدهما على صورة الآخر مع التفاوت العظيم بين جنس ذواتهما وقدر ذواتهما، وقد تظهر صورة السماوات والقمر في الماء أو في مرآة في غاية الصغر، ويقال هذه صورتها، مع العلم بأن حقيقة السماوات والأرض أعظم من ذلك بما لا نسبة لأحدهما إلى الآخر (٤).

وقال ابن عثيمين: الذي قال: "إن الله خلق آدم على صورته" رسول الذي قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن ينطق بما يكذب المرسل، والذى قال: "خلق آدم على صورته": هو الذى قال: "إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر"،


(١) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (٢/ ٥١٥).
(٢) فتح القدير (٥/ ٦٦٩: ٦٧٠).
(٣) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة د. محمد الشويعر (٦/ ٣٥٣: ٣٥٤).
(٤) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٥٣٧، ٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>