للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دل على هذه القاعدة أدلة كثيرة من القرآن والسنة نشير إلى شيء منها على سبيل المثال لا الحصر.

فمن القرآن الكريم قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة: ١٨٥). وقال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} (البقرة: ٢٨٦). وقد تضمن ذلك أن جميع ما كلفهم به أمرا ونهيا فهم مطيقون له قادرون عليه وأنه لم يكلفهم ما لا يطيقون وفي ذلك رد صريح على من زعم خلاف ذلك. والله تعالى أمرهم بعبادته وضمن أرزاقهم فكلفهم من الأعمال ما يسعونه وأعطاهم من الرزق ما يسعهم فتكليفهم يسعونه وأرزاقهم تسعهم فهم في الوسع في رزقه وأمره: وسعوا أمره ووسعهم رزقه ففرق بين ما يسع العبد وما يسعه العبد. وتأمل قوله عز وجل: {إِلَّا وُسْعَهَا} وكيف تجد تحته أنهم في سعة ومنحة من تكاليفه؛ لا في ضيق وحرج ومشقة؛ فإن الوسع يقتضي ذلك فاقتضت الآية أن ما كلفهم به مقدور لهم من غير عسر لهم ولا ضيق ولا حرج (١).

وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (النساء: ٢٨)، وغيرها من الآيات الكثير.

ومن أدلة هذه القاعدة في السنة النبوية:

١) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلجةِ" (٢).

أي: دين الإسلام ذو يسر، أو سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم. ومن أوضح الأمثلة له أن توبتهم


(١) فتاوى ابن تيمية (١٤/ ١٣٧، ١٣٨).
(٢) البخاري (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>