للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت بقتل أنفسهم، وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم (١).

٢) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا" (٢).

وغيرها كثير من الأحاديث النبوية الشريفة.

الثانية: الضرورات تبيح المحظورات. إن من مسلمات المبادئ لدى جمهور المسلمين أن الشريعة الإسلامية قد التزمت في أحكامها مبدأ رعاية مصالح الناس دنيويًا وأخرويًا، فأحكامها مبنية على رعاية المصالح ودرء المفاسد، والمتأمل في نصوصها يجد ذلك واضحًا في جميع ما قررته من أحكام، وفي كل ميدان تناولته من ميادين الحياة، ومن هنا حصل تقسيم الأقوال والأفعال والعقود والتصرفات إلى مأمور بها لما فيها من المصالح، ومنهي عنها لما فيها من مفاسد على المتصف بها أو غيره ... غير أن الإسلام يحسب حساب الضرورات فيبيح فيها المحظورات، ويحل فيها المحرمات بقدر ما تنتفي هذه الضرورات بغير تجاوز لها ولا تعد لحدودها وهذا ما يعرف عند جمهور العلماء بقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" (٣).

والتعريف الاصطلاحي لهذه القاعدة هو: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعًا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع.

٢) الأدلة الشرعية على هذه القاعدة:

من القرآن الكريم: أ) قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (البقرة: ١٧٣).

ب) قال تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ


(١) فتح الباري (١/ ١١٦).
(٢) البخاري (٦٩)، مسلم (١٧٣٤)، عن أنس - رضي الله عنه -.
(٣) انظر: القواعد الفقيهة الكبرى وما تفرع منها (٢٤٧ - ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>