للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن القيم: إن ما وصف الله سبحانه به نفسه من المحبة والرضى والفرح والغضب والبغض والسخط من أعظم صفات الكمال. (١)

وفي "تهذيب اللغة": "وقال الليث: البغض: نقيض الحب". (٢)

قال الشيخ عبد الرزاق في عبد المحسن البدر: "والبغض" أي: ومن أوصافه الثابتة له سبحانه: البغض، فهو سبحانه يبغض الكفر والكافرين، والعصيان والعصاة.

ومن أدلة ثبوت هذه الصفة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانًا فأَحِبَّه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إنَّ الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانًا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنَّ الله يبغض فلانًا فأبغضوه، فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض".

وهذا الحديث العظيم، هو في بيان شأن ومقام الذين يحبهم الله من عباده - وأسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يجعلني وإياكم منهم بمنه وكرمه - فهو سبحانه ينادي في السماء: يا جبريل إني أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل لحب الله تعالى له، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء إنَّ الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يطرح له القبول في الأرض. وهذا هو معنى قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦)} [مريم: ٩٦].

وإذا أبغض الله عبدًا نادى جبريل: إني أبغض فلانًا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنَّ الله يبغض فلانًا فأبغضوه، فيبغضه أهل السماء، ثم تطرح له البغضاء في الأرض، فهناك أهل محبة وأهل بغضاء، وإذا آمن العبد بذلك فعليه أن يعرف الأوصاف


(١) الصواعق المرسلة ٤/ ١٤٥١.
(٢) تهذيب اللغة ٨/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>