للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرْمَةُ الله فَيَنْتَقِمَ للهَّ بِهَا" (١).

بمثل هذه القيم كانت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - يسر في كل شيء وذود عن حرمات الله لا عن عَرَضِ الدنيا أو أهواء النفوس. وتعدد صور السماحة في هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - مع غير المسلمين وشواهد ذلك من سيرته لا تحصر منها ما يلي:

١) رحمته - صلى الله عليه وسلم - بالخلق عامة. وذلك تصديقًا لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ (١٠٧)} (الأنبياء: ١٠٧). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَرْحَمُ الله مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ" (٢).

فكلمة: "العالمين" وكلمة "الناس" عامة تشمل كل العالمين وكل الناس، فدين الإسلام دين السماحة والرحمة يسع الناس كلهم ويغمرهم بالرحمة والإحسان.

٢) تجاوزه عن مخالفيه ممن ناصبوا له العدا، . وهذا له من الأمثلة ما يصعب حصرها وتعدادها فمنها: لما فتح مكة فكان موقفه فيها غاية ما يمكن أن يصل إليه صفح البشر وعفوهم فكان موقفه ممن كانوا حربًا على الدعوة ولم يضعوا سيوفهم بعد عن حربها أن قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" (٣).

ومنها سماحته - صلى الله عليه وسلم - مع لَبِيد بن الأعصم الذي سحره في مشط ومشاطة وحف طلع نخل ذكر في بئر زروان، وحينما أخبر عائشة بذلك قالت له: أَفَلَا اسْتَخْرَجْتَهُ قَال: "قَدْ عَافَانِي الله فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ" (٤).

ومنها سماحته مع زعيم المنافقين عبد الله بن أُبيِّ بن سلول الذي تحمل قصة الإفك ومع ذلك فقد عفا عنه - صلى الله عليه وسلم -، وحينما مات عبد الله بن أُبيِّ غطاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقميصه واستغفر له حتى نزل قوله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (التوبة: ٨٠) (٥).


(١) البخاري (٣٥٦٠)، مسلم (٢٣٢٧).
(٢) البخاري (٧٣٧٦).
(٣) السيرة النبوية لابن كثير نقلًا عن ابن إسحاق (٣/ ٥٧٠).
(٤) البخاري (٥٧٦٣)، مسلم (٢١٨٩).
(٥) البخاري (١٢٦٩)، ومسلم (٢٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>