للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن تيمية: فالصفات إذا أضيفت إليه كالعلم والقدرة والكلام والحياة والرضا والغضب ونحو ذلك: دلت الإضافة على أنَّها إضافة وصف له قائم به؛ ليست مخلوقة؛ لأن الصفة لا تقوم بنفسها، فلا بد لها من موصوف تقوم به، فإذا أضيفت إليه علم أنَّها صفة له.

لكن قد يعبر باسم الصفة عن المفعول بها:

فيسمى المقدور قدرة، والمخلوق بالكلمة كلامًا، والمعلوم علمًا، والمرحوم به رحمة. كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة". (١)

وقوله تعالى فيما يروي عنه نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للجنة: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء". (٢) ويقال للمطر والسحاب هذه قدرة قادر، وهذه قدرة عظيمة، ويقال في الدعاء: غفر الله لك علمه فيك، أي: معلومه.

وأما الأعيان إذا أضيفت إلى الله تعالى: فإما أن تضاف بالجهة العامة التي يشترك فيها المخلوق، مثل كونها مخلوقة ومملوكة له، ومقدورة، ونحو ذلك، فهذه إضافة عامة مشتركة. كقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [لقمان: ١١].

وقد يضاف لمعنى يختص بها يميز به المضاف عن غيره مثل: (بيت الله)، (وناقة الله)، (وعبد الله)، (وروح الله)، فمن المعلوم اختصاص ناقة صالح بما تميزت به عن سائر النياق، وكذلك اختصاص الكعبة، واختصاص العبد الصالح الذي عبد الله، وأطاع أمره. وكذلك الروح المقدسة التي امتازت بما فارقت به غيرها من الأرواح.

فإن المخلوقات اشتركت في كونها مخلوقة مملوكة مربوبة لله يجري عليها حكمه وقضاؤه وقدره. وهذه الإضافة لا اختصاص فيها، ولا فضيلة للمضاف على غيره، وامتاز بعضها بأن الله يحبه ويرضاه ويصطفيه ويقربه إليه ويأمر به أو يعظمه ويحبه؛ فهذه الإضافة


(١) البخاري (٦٤٦٩).
(٢) البخاري (٤٨٥٠)، مسلم (٢٨٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>