للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يختص بها بعض المخلوقات؛ كإضافة البيت والناقة والروح، وعباد الله من هذا الباب وقد قال تعالى في سورة الأنبياء: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالمِينَ (٩١)} [الأنبياء: ٩١].

وقال في سورة التحريم: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (١٢)} [التحريم: ١١، ١٢].

فذكر امرأة فرعون التي ربت موسى بن عمران، وجمعت بينه وبين أمه، حتى أرضعته أمه عندها، وذكر مريم أم المسيح التي ولدته وربته، فهاتان المرأتان ربتا هذين الرسولين الكريمين، فلما قال هنا: (فنفخنا فيه) أي: في المرأة، و (فيه) أي: في فرجها، (من روحنا)، وقال هنا: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} (مريم: ١٧) إلى قوله: {قَال إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩)} [مريم: ١٩] دل على أن قوله: (روحنا) ليس المراد به أنه صفة لله؛ لا الحياة ولا غيرها، ولا هو رب خالق، فلا هو الرب الخالق، ولا صفة الرب الخالق؛ بل هو روح من الأرواح التي اصطفاها الله وأكرمها، كما تقدم في قوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}، وأن الأكثرين على أنه جبريل.

وهذا الأصل الذي ذكرناه من الفرق فيما يضاف إلى الله بين صفاته، وبين مملوكاته، أصل عظيم ضل فيه كثير من أهل الأرض من أهل الملل كلهم؛ فإن كتب الأنبياء التوراة والإنجيل والقرآن وغيرها أضافت إلى الله أشياء على هذا الوجه، وأشياء على هذا الوجه، فاختلف الناس في هذه الإضافة:

<<  <  ج: ص:  >  >>