للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن التكافل الاجتماعي في الإسلام لا يرضى أن يذل رجل من أهل الذمة وهو يحيا في كنف الإسلام فيعيش على الصدقة يتكفف الناس ولكن الإسلام يحميه ويكرمه ويوجب على الدولة أن تعوله وتعول عياله.

٢) وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يوصي الجيوش الإسلامية بقوله: "وستمرون على قوم الصوامع رهبانا يزعمون أنهم ترهبوا في الله فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم" (١).

٣) وأوصى عمر - رضي الله عنه - الخليفة من بعده بأهل الذمة أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم (٢).

٤) ومر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟ قال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، قال: فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله فرضخ (٣) له بشيء من المنزل ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} والفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه (٤).

٥) ومن السماحة أن يراعى في معاملتهم كل مصلحة وقصد صحيح فعن عبد الله بن قيس قال: كنت فيمن تلقى عمر بن الخطاب مع أبي عبيدة مقدمه من الشام فبينما عمر يسير إذ لقيه (المُقلَّسون) (٥) من أهل أذرعات بالسيوف والريحان فقال عمر - رضي الله عنه -: مه ردوهم وامنعوهم فقال أبو عبيدة يا أمير المؤمنين هذه سنة العجم أو كلمة نحوها وإنك إن تمنعهم


(١) فتوح الشام للواقدي (١/ ٨)، باب: وصية أبي بكر.
(٢) البخاري (١٣٩٢).
(٣) معنى رضخ: أعطاه عطاءً غير كثير القاموس المحيط (١/ ٣٧٤/ مادة رضخ).
(٤) كتاب الخراج لأبي يوسف (صـ ١٢٦).
(٥) هم الذين يلعبون بين يدي الأمير إذا وصل البلد انظر "النهاية" (٤/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>