للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون لهم بيوت عبادتهم وأديرتهم وكهنتهم وأحبارهم دون أن يمسوهم بأدنى أذى، أوليس هذا منتهى التسامح؟ أين روى التاريخ مثل تلك الأعمال ومتى؟ ومن ذا الذي لم يتنفس الصعداء بعد الاضطهاد البيزنطي الصارخ وبعد فظائع الأسبان واضطهاد اليهود. إن السادة والحكام المسلمين الجدد لم يزجوا أنفسهم في شئون تلك الشعوب الداخلية. فبطريرك بيت المقدس يكتب في القرن التاسع لأخيه بطريرك القسطنطينية عن العرب: إنهم يمتازون بالعدل ولا يظلموننا البتة وهم لا يستخدمون معنا أي عنف" (١).

٤ - ويقول المستشرق ديورانت: "لقد كان أهل الذمة المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيرا في البلاد المسيحية في هذه الأيام". (٢)

ثانيًا: السماحة في القجارة وقضاء الحق: وهذا أيضًا من سمات الدين الإسلامي حيث حث - صلى الله عليه وسلم - على السماحة في البيع والشراء فقال: "رَحِمَ الله رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى" (٣).

وهذا النص يشمل التعامل مع المسلم وغير المسلم، وفي هذا الحديث الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق، وترك المشاحة، والحث على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو منهم (٤).

كما رغب وحث - صلى الله عليه وسلم - على السماحة في القرض وإنظار العسر فقال: "تَلَقَّتْ المُلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَالوا: أَعَمِلْتَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَال: آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا


(١) سماحة الإسلام في معاملة غير السلمين. عبد الله بن إبراهيم اللحيدان. نقلًا عن كتاب: "شمس العرب تسطع على الغرب".
(٢) انظر: كتاب "سماحة الإسلام"، نقلًا عن (قصة الحضارة)، تأليف/ ول ديورانت.
(٣) البخاري (٢٠٧٦).
(٤) فتح الباري (٤/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>