للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: وإن زنى وإن سرق فهو حجة لمذهب أهل السنة أن أصحاب الكبائر لا يقطع لهم بالنار، وأنهم إن دخلوها أخرجوا منها وختم لهم بالخلود في الجنة. (١)

وقال البخاري تعليقًا على الحديث: هذا عند الموت أو قبله إذا تاب، وندم، وقال: لا إله إلا الله غفر له. (٢)

وقال ابن حجر تعليقًا على كلام البخاري: قوله: هذا عند الموت أو قبله إذا تاب أي من الكفر وندم. يريد شرح قوله: ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، وحاصل ما أشار إليه أن الحديث محمول على من وحد ربه، ومات على ذلك تائبًا من الذنوب التي أشير إليها في الحديث؛ فإنه موعود بهذا الحديث بدخول الجنة ابتداء، وهذا في حقوق الله باتفاق أهل السنة، وأما حقوق العباد فيشترط ردها عند الأكثر، وقيل: بل هو كالأول ويثيب الله صاحب الحق بما شاء، وأما من تلبس بالذنوب المذكورة ومات من غير توبة فظاهر الحديث أنه أيضًا داخل في ذلك لكن مذهب أهل السنة أنه في مشيئة الله تعالى. (٣)

وقال الإمام أحمد بن حنبل: ومن لقي الله بذنب يجب له به النار تائبًا غير مصر عليه؛ فإن الله عز وجل يتوب عليه ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا فهو كفارته كما جاء الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن لقيه مصرًا غير تائب من الذنوب التي قد استوجب بها العقوبة، فأمره إلى الله عز وجل، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، ومن لقيه كافرًا عذبه ولم يغفر له. (٤)

قال الطحاوي: وَأَهْلُ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّارِ لَا يُخَلَّدُونَ، إِذَا مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُون وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين. وَهُمْ فِي مَشِيئَتِهِ وَحُكْمِهِ إِنْ شَاءَ


(١) شرح مسلم للنووي ١/ ٣٧٤ - ٣٧٥.
(٢) البخاري مع الفتح ١٠/ ٢٩٥.
(٣) فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٢٩٥.
(٤) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ٢/ ١٨٢ للالكائي، وهو معتقد علي بن المديني أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>