للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الفخر الرازي: اعلم أنه تعالى لما أوجب على رسوله أن يشرد من صدر منه نقض العهد، وأن ينبذ العهد إلى من خاف منه النقض أمره في هذه الآية بالإعداد لهؤلاء الكفار.

.. ثم قال: فقال تعالى: {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} وذلك لأن الكفار إذا علموا كون المسلمين متأهبين للجهاد ومستعدين له ومستكملين لجميع الأسلحة والآلات خافوهم. وذلك الخوف يفيد أمورًا؛ منها: أنَّهم لا يقصدون دخول دار الإسلام عدوانًا، ولا يعينون سائر الكفار للتعدي على دار الإسلام، وربما صار ذلك داعيًا لهم إلى الإيمان (١).

قال الشيخ محمد رشيد رضا: أن يكون القصد الأول من إعداد هذه القوى والمرابطة إرهاب الأعداء وإخافتهم من عاقبة التعدي على بلاد الأمة أو مصالحها، أو على أفراد منها، أو متاع لها حتى في غير بلادها لأجل أن تكون آمنة في عقر دارها، مطمئنة على أهلها ومصالحها وأموالها. وهذا ما يسمى في عرف هذا العصر بالسلم المسلح وتدعيه الدول العسكرية فيه زورًا وخداعًا (٢).

من خلال ما سبق من أقوال المفسرين يتبين لنا ما يأتي:

أولًا: أن تكليف إعداد القوة بقدر الاستطاعة واجب على الحكومة الإسلامية خاصة، وعلى الأمة الإسلامية عامة. وذلك لنزول هذه الآية في عهد المدينة المنورة، والأمة كلها واحدة تحت قيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فهي مكلفة للمشاركة في هذا الإعداد؛ كما يقول أبو السعود الحنفي بأن توجيه الخطاب يعني: "وأعدوا" إلى جميع المؤمنين؛ لأن المأمور به من وظائف الجميع. والله أعلم.


(١) تفسير الرازي ١/ ٢١٥٧.
(٢) تفسير المنار (الآية).

<<  <  ج: ص:  >  >>