ثانيًا: أنَّ القوة المطلوب إعدادها هي قوة الرمي، وهو كل ما يوجد في كل عصر ومكان من سلاح يرمى به الأعداء في حالة الحرب. فإذا استطاع أن يعد أفضل وأحدث ما يكون في ذلك العصر فبها ونعمت وإلا فاتقوا الله ما استطعتم.
ثالثًا: أن الدلالة اللفظية في الآية تشير إلى أن الغرض الأساس من إعداد القوة هو الإرهاب والتخويف، وليس القتل والقتال. يقول تعالى:{تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، ولا يقول:"تقاتلون به أو تقتلون به عدو الله وعدوكم". وبذلك تبين أن اختيار الله هذه الكلمة (الإرهاب) هو نوع من رحمته تعالى لخلقه، تجنبًا عن القتل أو القتال الذي هو سفك الدماء وهو الغرض الغالب من أي قوة. وحتى مع الأعداء لا يريد أن يعاملهم الإسلام بالقتل والقتال، في بالك مع عامة الناس ولو كانوا غير مسلمين. فإذا اكتفى هؤلاء الأعداء المجرمون أو الكفار بمجرد هذا الإرهاب والتخويف الذي يمنعهم من التعدي والظلم والصد عن سبيل الله فقد تحقق الغرض الأساس من إعداد القوة في الإسلام.
رابعًا: المرهبون به هم أعداء الله: {عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} لأن طبيعة دعوة الإسلام التي جاء بها الرسل أنَّها تواجه المجرمين المعتدين من أعداء الله طول الطريق، ولاسيما الرسول الخاتم محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقد صرح بذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢)} [الأنعام: ١١٢]. أي: كما جعلنا لك، يا محمد، أعداء يخالفونك ويعادونك ويعاندونك؛ جعلنا لكل نبي من قبلك أيضًا أعداء.
خامسًا: إن الإرهاب الشرعي على ضوء هذه الآية الكريمة هو أحد الأساسيات الفطرية للتعامل مع العالم. فأمم العالم جميعًا تعد ما تستطيع من قوة كي تدخل الرهبة في قلوب أعدائها. وهي تستعرض قوتها في المناورات كي يعرف خصومها درجة مناعتها