للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقام صراع غريب وتنافس كبير بين الأديان لاجتذاب هؤلاء الوثنيين البرابرة (على حد قول أرنولد)، "تلك المعركة الحامية التي قامت بين البوذية والمسيحية والإسلام، كل ديانة تنافس الأخرى لتكسب قلوب أولئك الفاتحين القساة" (١).

فبالدعاة، وبالدعاة فقط، تراجع القوم، ورجعوا إل بلادهم يحملون الإسلام إلى أبناء جلدتهم، جاؤوا ببربرية وقسوة وحصاد للشعوب بلا رحمة، وآبوا بإنسانية ورحمة ومحبة للعالم أجمع، حوَّلهم الإسلام بدون سيف أو جيش، إلَّا سيف الكلمة الطيبة والحكمة والموعظة الحسنة، التي حمل الدعاة لواءها ... ، فخرقوا القلوب بنور توجهاتهم، في أن فتح المغول بلادنا حتى فتح العلماء العاملون قلوبهم، فملكناهم وملكنا أرضنا التي عادت إلينا.

وهكذا ... انتصر وانتشر الإسلام في وجه السيف .. ولم ينتصر أو ينتشر بحده ..

لقد حول الدعاة المسلمون المغول إلى دعاة مسلمين، فعادوا بعد أن صار في جيش "بركة خان" كل فارس وسجادة صلاته معه (٢) أينما حل الأذان قام للصلاة مجيبًا نداء: "حيَّ على الصلاة. حيَّ على الفلاح ..... ".

وتبع هذا النصر نصر آخر، الا وهو دخول الإسلام إلى روسيا ليس بالسيف، ولكن بفضل ما يسميه المؤرخون "القوة المعنوية التي تميز بها المسلمون أنفسهم" (٣) وهذه القوة هي قوة الإيمان، قوة الإيمان بالمبدأ الذي خالط اللحم والعظم والدم. إنها قوة الإسلام الكامنة في ثناياه، قوة البقاء والبقاء للأفضل، ويقول "أرنولد" بصراحة: "بدأ الإسلام يتخلَّص تدريجيًّا من أطلال مجده السالف، ويتخذ مكانه من جديد باعتباره دينًا ذا سيادة" (٤). بدأ هذا الإسلام رغم "نكبة المغول" في عملية مد عنيفة بين التتر في أواسط آسيا وفي روسيا.


(١) الدعوة إلى الإسلام ص ٢٦٩.
(٢) الدعوة إلى الإسلام ص ٢٦٩ - ٢٧٠.
(٣) المصدر السابق ص ٢٧٦.
(٤) المصدر السابق ص ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>