للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استئصال الدين المسيحي" (١).

لقد كان عهد الخلفاء الراشدين امتدادًا لعهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد صورًا من سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين من إعانتهم بالمال أو النفس عند الحاجة، ومن كفالة العاجز منهم عن العمل أو كبير السن، وغير ذلك. وهذا هو ما سار عليه الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم - في صدر الإسلام في معاملتهم لأهل الذمة، وأسوق هنا بعض الشواهد والأمثلة التي تبين سماحة الصحابة - رضي الله عنهم - في معاملة غير المسلمين.

١ - في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - كتب خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في عقد الذمة لأهل الحيرة بالعراق - وكانوا من النصارى -: "وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من آلافات أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله" (٢).

إن الذين يسعون إلى تقرير التكافل الاجتماعي وبيان صوره لن يجدوا أعظم من هذه الصورة في الإسلام مع نحالفيه، فهو يتسامى بمن يعيشون في كنفه ويحوطهم برحمته وإحسانه عندما يحتاجون إلى مواساة، لأي سبب من الأسباب بل يجعلهم عيالا على بيت مال المسلمين ويرضخ له منه أيا كانت ديانتهم.

إن التكافل الاجتماعي في الإسلام لا يرضى أن يذل رجل من أهل الذمة وهو يحيا في كنف الإسلام، فيعيش على الصدقة يتكفف الناس ولكن الإسلام يحميه ويكرمه ويوجب على الدولة أن تعوله وتعول عياله (٣).

٢ - وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يوصي الجيوش الإسلامية بقوله: "وستمرون على قوم في الصوامع رهبانًا يزعمون أنهم ترهبوا في الله فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم" (٤).


(١) الدعوة إلى الإسلام لتوماس آرنولد ص ٩٩.
(٢) كتاب الخراج لأبي يوسف ص ٣٠٦.
(٣) انظر الموسوعة في سماحة الإسلام ١/ ٤٤٦.
(٤) فتوح الشام للواقدي ١/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>