للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وأوصى عمر - رضي الله عنه - الخليفة من بعده بأهل الذمة أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم (١).

٤ - ومر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟ قال: يهودي، قال: في ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، قال: فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} والفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه (٢).

٥ - إن السماحة في المعاملة يجب أن تكون فِي ضوء ضوابط الشرع ومقاصده ومثل ذلك يتطلب أن يكون المسلم على بصيرة بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلف الأمة من الصحابة والتابعين في هذا الشأن، فمن صور السماحة في المعاملة ما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه لما قدم الجابية من أرض الشام استعار ثوبًا من نصراني فلبسه حتى خاطوا قميصه وغسلوه، وتوضأ من جرة نصرانية. وصنع له أهل الكتاب طعامًا فدعوه فقال أين هو؟ قالوا: في الكنيسة فكره دخولها وقال لعلي - رضي الله عنه -: اذهب بالناس فذهب علي - رضي الله عنه - بالمسلمين فدخلوا فأكلوا وجعل علي - رضي الله عنه - ينظر إلى الصور وقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل (٣).

٦ - ومن السماحة أن يراعى في معاملتهم كل مصلحة وقصد صحيح، فعن عبد الله بن قيس قال: كنت فيمن تلقى عمر بن الخطاب مع أبي عبيدة مقدمه من الشام فبينما عمر يسير إذ لقيه (المقلسون) وهم قوم يلعبون بلعبة لهم بين أيدي الأمراء إذا قدموا عليهم


(١) رواه البخاري (١٣٩٢).
(٢) الخراج لأبي يوسف ص ١٢٦.
(٣) انظر إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن القيم ١/ ١٥٣، ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>