للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسيوف والريحان فقال عمر - رضي الله عنه -: مه ردوهم وامنعوهم، فقال أبو عبيدة يا أمير المؤمنين هذه سنة المعجم أو كلمة نحوها وإنك إن تمنعهم منها سروا أن في نفسك نقضًا لعهدهم فقال: دعوهم، عمر وآل عمر في طاعة أبي عبيدة (١).

٧ - وصلى سلمان وأبو الدرداء رضي الله عنهما في بيت نصرانية فقال لها أبو الدرداء - رضي الله عنه -: هل في بيتك مكان طاهر فنصلي فيه؟ فقالت: طهرا قلوبكما ثم صليا أين أحببتما فقال له سلمان - رضي الله عنه -: خذها من غير فقيه (٢).

٨ - وجاء في صفة الصفوة أن عمر بعث عميرًا عاملًا على حمص فمكث حولًا لا يأتيه خبره ولم يبعث له شيئًا لبيت مال المسلمين، فقال عمر لكاتبه: اكتب إلى عمير فوالله ما أراه إلا قد خاننا إذا جاءك كتابي هذا فأقبل وأقبل بما جبيت من فيء المسلمين حين تنظر في كتابي هذا. فأخذ عمير - لما وصله كتاب عمر - جرابه فوضع فيه زاده وقصعته وعلق إداوته وأخذ عنزته ثم أقبل يمشي من حمص حتى قدم المدينة، فقدم وقد شحب لونه، واغبر وجهه فدخل على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله! قال عمر: ما شأنك؟ قال: ما تراني صحيح البدن ظاهر الدم، معي الدنيا أجرها بقرونها؟ قال عمر: وما معك؟ وظن عمر أنه جاءه بمال. قال: معي جرابي أجعل فيه زادي، وقصعتي آكل فيها، وأغسل فيها رأسي وثيابي، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، ومعي عنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوًّا إن عرض لي، فوالله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي. وساله عمر عن سيرته في قومه وعن الفيء فأخبره، فحمد فعله فيهم ثم قال: جددوا لعمير عهدًا.

قال عمير: إن ذلك شيء لا أعمله لك ولا لأحد بعدك، والله ما سلمت، بل لم أسلم، لقد قلت لنصراني: أخزاك الله، فهذا ما عرضتني له يا عمر، وإن أشقى أيامي يوم خلفت معك. (٣)


(١) كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام ص ١٨٠.
(٢) انظر إغاثة اللهفان لابن القيم ١/ ١٥٣.
(٣) صفة الصفوة لابن الجوزي ١/ ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>