للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد عظم على عمير قوله لرجل من غير المسلمين: أخزاك الله، وهو دعاء، وما ذكر خطأ اقترفه في ولايته على حمص أعظم من هذا، وفي ذلك دليل على أن هذا الدين ما جاء إلا بالرحمة والهداية وإنقاذ البشر من الضلال إلى الهدى ومن ظلمات الكفر إلى نور الطاعة، ولا عجب فمن مدرسة النبوة تخرج هذا الصحابي وغيره، ممن لا يؤذون الناس، بل يغمرونهم بعطفهم ورحمتهم وسماحتهم وإحسانهم، ولذا قال عنه عمر: إنه نسيج وحده، وقال: وددت أن لي رجلًا مثل عمير بن سعد استعين به على أعمال المسلمين (١).

إن الدعاء لغير المسلمين وفق ضوابط الشرع من أعظم صور التسامح في الإسلام ومن محاسنه الكبرى التي تنظر إلى الإنسان نظرة تكريم وعناية، وفي الدعاء استمالة ظاهرة لقلب المدعو فكل أحد يتمنى من الناس الدعاء له بالخير، ومن هنا قال ابن عباس رضى الله عنه لو قال لي فرعون: بارك الله فيك، قلت: وفيك، وفرعون قد مات (٢).

٩ - وعن مجاهد قال: كنت عند عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - وغلامه يسلخ شاة "يا غلام إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي" فقال رجل من القوم: اليهودي أصلحك الله؟ قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصي بالجار حتى خشينا أو روينا أنه سيورثه (٣).

١٠ - وفي خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله كتب إلى عدي بن أرطأة: وانظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه (٤).


(١) المرجع السابق ١/ ٣٥٦.
(٢) رواه البخاري في الأدب المفرد باب: كيف يدعو للذمي؟ وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد للألباني (٨٤٧).
(٣) رواه البخاري في الأدب المفرد، باب: جار اليهودي، وصححه الألباني، انظر: صحيح الأدب المفرد الألباني (٩٥).
(٤) كتاب الأموال لأبي عبيد ص ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>