للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستمر هذا النهج في معاملة غير المسلمين عبر تاريخ الإسلام.

شهادة توماس آرنولد: وهو أبرز من أرخ لانتشار الإسلام في كتابه "الدعوة إلى الإسلام" فإنه يؤكد على حقيقة السماحة الإسلامية فيقول: (إنه من الحق أن نقول: إن غير المسلمين قد نعموا بوجه الإجمال في ظل الحكم الإسلامي بدرجة من التسامح لا نجد لها معادلًا في أوروبا قبل الأزمنة الحديثة، وإن دوام الطوائف المسيحية في وسط إسلامي يدل على أن الاضطهادات التي قاست منها بين الحين والآخر على أيدي المتزمتين والمتعصبين كانت من صنع الظروف المحلية أكثر مما كانت عاقبة مبادئ التعصب وعدم التسامح) (١).

ويضيف: كان المسيحيون يعيشون في مجتمعهم آمنين على حياتهم وممتلكاتهم ناعمين بمثل هذا التسامح الذي منحهم حرية التفكير الديني. تمتعوا وخاصة في المدن بحالة من الرفاهية والرخاء في الأيام الأولى من الخلافة" (٢).

وقال: اجتذبت الدعوة المحمدية إلى أحضانها من الصليبيين عددًا مذكورًا حتى في العهد الأول، أي في القرن الثاني عشر، ولم يقتصر ذلك على عامة النصارى؛ بل إن بعض أمرائهم وقاداتهم انضموا أيضًا إلى المسلمين في ساعات انتصارات المسيحيين، فهل يمكن أن نقول: إن الإسلام انتشر بين الصليبيين بالقوة؟

شهادة يوحنا النقيوسي: وفي أقدم كتب التاريخ النصرانية حديث عن سماحة عمرو بن العاص مع نصارى مصر. وكيف أن تحرير الإسلام لهم من قهر الرومان وهزيمة الاستعمار الروماني بمصر على يد الجيش الإسلامي الفاتح إنما كان انتقامًا إلهيًّا من ظلم الرومان لمصر، واضطهادهم لنصارى مصر. ففي تاريخ "يوحنا النقيوسي" وهو معاصر للفتح وشاهد عليه.


(١) الدعوة إلى الإسلام توماس أرنولد صـ ٧٢٩ - ٧٠٣، ترجمة د/ حسن إبراهيم حسن. د/ عبد المجيد عابدين إسماعيل النحراوي.
(٢) انظر الدعوة إلى الإسلام توماس آرنولد صـ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>