٢ - أوجب القرآن الكريم إجارة المشرك والسماح له بالدخول إلى دار الإسلام إذا استجار بالمسلمين، لعل ذلك يمكنه من سماع كلام الله تعالى فيعرف الحق من الباطل، ثم أوجب على المسلمين أن يضمنوا أمنه وسلامه حتى يصل إلى مأمنه، في حالة بقائه على شركه ما دام مسالمًا ولم يقدم أذى لمسلم. قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (٦)} (التوبة: ٦).
٣ - سوى القرآن الكريم بين دماء المعاهدين الذين يحترمون العهود والمواثيق ودماء المسلمين، ففرض على المؤمن إذا قتل أحدهم على سبيل الخطأ الدية، وهي نفس ما فرض عليه إذا قتل مؤمنًا على وجه الخطأ، قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}(النساء: ٩٢)، ثم قال بعد ذلك:{وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}(النساء: ٩٢) وذلك حسب ما قرره الفقهاء من دلالة الآية الكريمة.
هذا هو موقف القرآن الكريم من الذين يحترمون العهود والمواثيق.
(موقف القرآن الكريم من الذين لا يحترمون العهود بعد إبرامها).
أما الذين لا يحترمون العهود بعد إبرامها وإنما يتخذونها ذريعة ووسيلة يحتمون وراءها حينما يشعرون بضعف جانبهم، حتى إذا لاحت لهم الفرصة نقضوها وأشعلوها نار حرب من جديد، أما هؤلاء فقد أباح الله سبحانه وتعالى للمسلمين نبذ عهودهم واستئناف حالة الحرب معهم، وحثهم على تأديبهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم. قال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧)} (الأنفال ٥٥: ٥٧)، وقال تعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي