يمكن القول بكل تأكيد -بعد النظر إلى نتائج الاستعمار التي مرت معنا- إن الإسلام لم يكن استعمارًا لما يلي:
١ - الإسلام جاء فحرر الرقيق.
٢ - لم يعرف الإسلام إبادة الشعوب، فوصية الصدِّيق شاهد يمكن الرجوع إليها في آداب الجهاد.
٣ - السيطرة العنصرية والتمييز العنصري، حدد الإسلام موقفه منهما بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لا فرق بين عربي وأعجمي، ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى". فلقد رفع الإسلام بلالًا -وهو عبد أسود- فوق الكعبة ليقول: الله أكبر.
٤ - أما ابتزاز خيرات الشعوب، فنرى أن الإسلام خلَّص سكان البلاد المفتوحة من الضرائب الباهظة التي كانت مفروضة من قبل الفرس أو الروم، ولنعلم أن الجزية مبلغ لا يُذكر مقابل الخدمات التي يستفيد منها الذمي، ويدفع المسلم أضعاف ما يدفع الذمي.
٥ - عمَّ الرفاه البلاد التي فتحت؛ لاستتباب الأمن فيها، كما حدث في وادي النيل وسواد العراق. وأصبح الفاتح المسلم أحب إلى الشعوب من الحاكم السابق؛ لأنهم رأوا عمليًا خير وفائدة الإسلام.
كما عمت نهضة علمية وطبية وكثرت "البيمارستانات" والترجمات وإحياء الكتب القديمة على يد المسلمين ويد سكان البلاد المفتوحة معًا، فقد كان العلم للجميع، حتى أن أمهر العلماء في كل الميادين كانوا من سكان البلاد المفتوحة مثل: ابن سينا الذي ولد في "أفشنة" قرب بخارى، وأبي بكر الرازي المولود في "الري" والإمام البخاري المنسوب إلى "بخارى"، وأبي ريحان البيروني في "خوارزم". ومحمد بن موسى الخوارزمي المولود في "خوارزم" وأبي الوفاء البوزنجاني المولود في فارس، وكلهم علماء خلَّدهم التاريخ في ميادين العلوم بأنواعها.
تساءل د. لوبون: لو انتصر العرب في بواتيه، فماذا كان يصيب أوروبا؟ ويجيب: "كان يصيب أوربا النصرانية المتبربرة، مثل ما أصاب أسبانية من الحضارة الزاهرة تحت راية