للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي العربي، وكان لا يحدث في أوربا التي تكون قد هذبت ما حدث فيها من الكبائر كالحروب الدينية، وملحمة سان بارتيمي ومظالم محاكم التفتيش، وكل ما لم يعرفه المسلمون من الوقائع التي ضرَّجت أوربا بالدماء عدة قرون" (١).

فهل نشر الإسلام مع الإيمان بالله عز وجل علمًا أم جهلًا؟ نورًا أم ظلامًا؟ الاستعمار جهل، والإسلام علم، فكيف يجتمعان؟ الاستعمار خراب، والإسلام إعمار وبناء فكيف يلتقيان؟

كان النشيد الذي ردده الجيش الإيطالي الذي غزا ليبيا سنة ١٩١١ م:

"يا أماه أتمي صلاتك، ولا تبكي؛ بل أضحكي وتأملي، ألا تعلمين أن إيطالية تدعوني، وأنا ذاهب إلى طرابلس فرحًا مسرورًا؛ لأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة، ولأحارب الديانة الإسلامية، سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن، وإن لم أرجع فلا تبك على ولدك، وإن سألك أخي عن عدم حزنك عليَّ فأجيبيه إنه مات في محاربة الإسلام".

١ - سحق الأمة الملعونة: المسلم لا يسحق حتى حكام الشعوب عند الفتح، بل أراد هداية، هنا في النشيد سحق، والإسلام حياة للشعوب التي فتحت بلادها.

٢ - "محو القرآن والاسلام"، بينما نجد في القرآن {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران: ٦٤] فالإسلام دعوة، والاستعمار سحق ومحو، ولن يلتقيا.

وهذه شهادة منصفة من مبشر في أفريقية ذكرها في كتابه "الإسلام في أفريقية الشرقية" وصاحب الكتاب هو المبشر "ليندن هاديس" فقد قرر المؤلف بعد النظر إلى الفارق الكبير بين أثر العرب وأثر الأوربيين في إفريقية الشمالية، أن البرتغاليين قضوا فيها نحو مائتي سنة لم يتركوا بعدها أثرًا من اثار الحضارة النافعة، ولم يعقبوا بعدهم غير ذكرى الخراب الذي حل على أيديهم بالمعاهد والمعابد الإسلامية، ولم يزالوا حيثما نزلوا يخربون وينهبون.


(١) حضارة العرب، صـ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>