الخمر حتى غدوا وكأنهم لا يعرفون الخمر ولم يتذوقوها من قبل. . لأن أمر الله ورد {فَاجْتَنِبُوهُ} وأوامر الله من شأنها الاحترام والطاعة.
قارن هذا الموقف بما حدث في القرن العشرين أرادت الولايات المتحدة الأمريكية تخليص مواطنيها من الخمر، وقبل أن تشرع قانون تحريم الخمر، مهدت له بدعايةٍ واسعةٍ جدًا لتهيئة النفوس إلى قبول هذا القانون، وقد استعانت بجميع أجهزة الدولة وبذوي الكفاية في هذا الباب. استعانت بالسّينما ومسارح التمثيل وبالإذاعة وبنشر الكتب والرسائل والنشرات والمحاضرات والإحصائيات من قبل العلماء والأطباء والمختصين بالشؤون الاجتماعية، وقد قُدّر ما أنفق على هذه الدعاية بـ (٦٥) مليون من الدولارات وكتبت تسعة آلاف صفحة في مضارّ الخمر ونتائجه وعواقبه. وأنفق ما يقرب من (١٠) عشرة ملايين دولار من أجل تنفيذ القانون. وبعد هذه الدعاية الواسعة والمبالغ المنفقة شرعت الحكومة قانون تحريم الخمر لسنة ١٩٣٠ م وبموجبه حرم بيع الخمور وشراؤها وصنعها وتصديرها واستيرادها. فما كانت النتيجة؟ لقد دلت الإحصائيات للمدة الواقعة بين تشريعه وبين تشرين الأول سنة ١٩٣٣ م أنه قتل في سبيل تنفيذ هذا القانون مائتا نفس وحبس نصف مليون شخص وغرم المخالفون له غرامات بلغت ما يقرب من أربعة ملايين دولار، وصودرت أموال بسبب مخالفته قدرت بألف مليون دولار. وكان آخر المطاف أن قامت الحكومة الأمريكية بإلغاء قانون تحريم الخمر في أواخر سنة ١٩٣٣ م، ولم تستطع تلك الدعايات الضخمة التي قامت بها الدولة أن توجد القاعدة التي يرتكز عليها القانون في نفوس المواطنين، وبالتالي قاموا بمخالفته مما حمل الحكومة على إلغائه؛ لأن القانون لم يكن له سلطان على النفوس يحملها على احترامه وطاعته، ومن ثم فشل وألغي. أمّا كلمة {فَاجْتَنِبُوهُ} التي جاء بها الإسلام في جزيرة العرب فقد أثّرت أعظم التأثير وطبّقت فعلًا، وأريقت الخمور من قبل أصحابها وامتنعوا عنها، لا بقوة شرطيّ ولا